التعدد و دوره في تكامل العلوم
التعدد المُوَجَّه
أو
التعدد و دوره في تكامل العلوم
أو
التعدد بثوب عصري
أو
التعدد خارج المنظومة المعرفية المعهودة
أو
التعدد و بناء الأسر العلمية
التعدد: إن الناظر في سيرة محمد صلي الله عليه و سلم ليجد أن أهداف التعدد لدية لم تكن مقصورة على الإشباع الجنسي, بل شملت أهدافا شتي, يمكن الرجوع إليها في الكتب التي حللت تلك الأهداف. فعلى الراغبين في التعدد ممن يهمهم الرقي بأمتهم من المفكرين والقياديين و المثقفين أن تكون الأولي خريجة كليات شرعية, و الثانية باحثة إحصائية "ماجستير أو دكتوراه في علوم الإحصاء ", والثالثة خريجة علوم حاسب آلي أو متمرسة على الحاسوب ولديها قابلية التدريب والتطوير, والرابعة متمرسة في أحد الحقول الأخرى كالإعلام الإسلامي أو اقتصاد إسلامي أو علم اجتماع إسلامي, هذه الثغرات المفتوحة في الأمة و التي لمَّا بعد تُسد. على أن تدرك هؤلاء النسوة, الهدف من هذا النوع من الزواج فيتبنين قاعدة "التمس ولو خاتما من حديد". بهذا نشكل مؤسسة علمية فذة, و نرجو أن يكون الجيل الناتج من هذه العائلة جيلا قارئاً متعلما مدركا لما يحيط به و بأمته, وله تأثيره الإيجابي على محيطة الذي يعيش فيه. كما أن ذلك له فوئد متعددة منها إعداد القواعد الأساسية للعوائل الممتدة الذي أشرت إليه بـ (مجلة المجتمع عدد 1534, ص. 39, و مجلة ولدي عدد 32 و في منتدي د. المقريزي), و الاعتناء بالبحث العلمي, و معالجة العنوسة, ومنها التهيؤ لقيادة البشرية, فحسب الإحصائيات أن عام 2050م ستشيخ كل مجتمعات الدول المتقدمة.( مجلة الوعي الإسلامي عدد 426-السنة 38-صفر 1422هـ ص 89)
إن التَّعدد الْمُوَجَّهْ, قد نعتبره أداة قوية لتكامل العلوم التي مزقتها الحضارة المعاصرة, حيث أن إشراف الزوج (القائد والمفكر)على نسائه الأربع و التي ألمت كل واحدة منهن بتخصصٍ معين من العلوم, سيعمل بعد توفيق الله, على مزج العلوم بعضها ببعض أو وصل بعضها ببعض عمليا, لأن الجميع في تصوري يعترف نظريا بأن العلوم مرتبط بعضها ببعض, إلا أننا عمليا بعيدين كل البعد عن هذا التصور.
يقول صاحب كتاب فلسفة التنمية رؤية إسلامية, في معرض حديثة عن الفرق بين النظرة الغربية للعلوم و فلسفتها و بين النظرة الإسلامية لذلك "و هكذا فإن مباحث الفلسفة المرتبطة بعلوم معينة أصبحت معروفة راسخة و سارت أشواطا بعيدة, تزدهر و تذبل وفقا لازدهار و ذبول العلم الذي ارتبطت به. أما بالنسبة للفيلسوف ذي النسق الشامل فإن الفلسفة المتخصصة في مجال بعينة يجب أن تكون ذات استقامة واتساق مع بقية الفلسفات المتخصصة لأنها جميعاً تُكَوِّنْ الفلسفة الكلية الشاملة. .... هذا الشمول و التداخل يرجع في رأينا لطبيعة الإسلام, إذ أن من جعل الإسلام منطلقا له فلا بد أن يصل جميع مجالات البحث بعضها ببعض, فهي عنده متداخلة مترابطة يأخذ بعضها برقاب بعض و ذلك من لوازم التوحيد في دين الإسلام." ( فلسفة التنمية رؤية إسلامية / د. إبراهيم احمد عمر, الطبعة الثالثة 1415هـ, صفحة 13)
وفي مجال الأدب يقول فضيلة الدكتور عدنان علي رضا النحوي"ولا يستطيع الأدب الإسلامي, نثرا أو شعرا, أن ينعزل عن سائر ميادين الإسلام. إنه مرتبط بها متصل معها, يغذيها و تغذيه, وينميها وتنميه. وبغير هذا الارتباط و الاتصال بين جميع الميادين من خلال النهج و التخطيط, سيفقد الأدب الإسلامي كثيرا من خصائصه, وقوى من قواه. إنه ينعزل بذلك عن الواقع الذي يعيشه, و ينعزل عن تربته الحقيقية و غذائه الحقيقي. وهذا الارتباط لا يتم إلا من نهج موحد, وخطة واحدة, تدفعها المواهب, ويرسمها العلم, ويرسي قواعدها الإيمان. فميدان الدعوة و الانطلاق, و ميدان التربية والبناء, و ميدان الدراسات و التخصص, وميدان الاجتماع, وميدان الجهاد, وميدان الاقتصاد, لو عمل كل ميدان و حده منعزلا مفصولا لفقد كل ميدان خصائصه, وخسرت الدعوة الإسلامية الكثير الكثير من مقوماتها, وفقدت النصر في كثير من جولاتها." (الأدب الإسلامي إنسانيته وعالميته/ د.عدنان علي رضا النحوي, ص 50-51 , الطبعة الثالثة 1415هـ). و قد تم نشر موضوعا بهذا الخصوص بعنوان التكامل بين الاقتصاد و الأدب, في مجلة الأدب الإسلامي, عدد 37 , المجلد العاشر, هام 1424هـ.
و في المجال التربوي التعليمي يقول الدكتور عبدا لكريم بكار"قالوا: إن الاقتصاد أكبر من أن يترك للاقتصاديين. والحقيقة أن كل شيء هو أكبر من أن يترك للمختصين, فليس من مصلحة أية جهة مختصة أن تشعر أنها معزولة عن باقي الجهات فيما تتصرف فيه, فانغلاق ذوي الاختصاص بالشأن التربوي و التعليمي – مثلا – عن الجمهور, أو عن قطاعات التنمية الأخرى – سيؤدي إلى ضمور العملية التعليمية كلها, بسبب حرمانها من روافد اجتماعية مهمة, بل ربما أدى الانغلاق إلى الانحراف, وعلى مدار التاريخ كانت الجماعات و منسوبوا المذاهب المنحرفة أميل إلى العزلة والانغلاق, وأبعد عن المفاتحة والحوار..." (مدخل إلى التنمية المتكاملة رؤية إسلامية/أ.د. عبدالكريم بكار, دار القلم, دمشق1420هـ, ص273).
و في مجال النظام المالي, يقول الدكتور بكر بن عبد الله بن بكر "و على سبيل المثال لو أردنا تطوير نظام مالي يلائم الظروف التي يعيشها المسلمون في العصر الحاضر و يتمشى مع الشريعة الإسلامية, فإننا نحتاج إلى باحثين متخصصين في علوم الشريعة و علوم اللغة و الاقتصاد و المالية و البنوك و الرياضيات و الحاسب الآلي و غيرها..." ( وقائع الندوة الفكرية الثالثة لرؤساء ومديري الجامعات في الدول الأعضاء بمكتب التربية العربي لدول الخليج/ 20-22 شعبان 1407هـ, صفحة 245-248)
و حسب متابعاتي الاقتصادية, و بالأخص عملية نمو النظرية الإسلامية في الاقتصاد لتحل محل النظم الوضعية الكئيبة, فإني أتوقع أن نحتاج إلى جيل أو جيلين حتى تستوي هذه النظرية على سُوقها و يُعجب الزرَّاعَ حصادها. و هذا النوع من الزواج في صفوف الاقتصاديين, احسبه يخدم نمو هذه النظرية وبلورة مفاهيمها و استقرارها و وضعها في إطار يخدم البنوك العالمية والمحلية بعد إزاحة النظم الرأسمالية منها. خاصة إذا اعتنت هذه الأسر الاقتصادية بأبنائها و جعلتهم يستكملون ما توصلوا (أي الآباء و الأمهات) إليه من أبحاث و نظريات وآليات تخدم موضوعنا هذا.
ومن القواعد التي ذكرها بيتر در كر والتي يجب إتباعها لتحقيق العائد الاقتصادي المنظور للإنفاق على البحث العلمي, ونقلها عنه الدكتور بكر بن عبد الله بن بكر في بحثه المعنون بالبحث العلمي و عوائده الاقتصادية ما نصه "البحث العلمي الفعال لا يعترف بالحدود الفاصلة بين التخصصات مثل الكيمياء, والفيزياء, والرياضيات, والاقتصاد, والبيولوجيا و غيرها لكونه عملا جماعياً منظما و هادفاً. على أننا نؤكد على أهمية أن يكون مدير المشروع البحثي أو قائد مجموعة البحث, أو مدير البحث, على علم ودراية بكيفية الاستفادة من خبرة المتخصصين في هذه المجالات من المعرفة لتحقيق الهدف المنشود" (وقائع الندوة الفكرية السادسة لرؤساء الجامعات في الدول الأعضاء بمكتب التربية العربي لدول الخليج, 2-4 رجب 1415هـ,ص 37)
و يقول هربرت أ. شيللر,في معرض حديثه عن مساوئ التجزيئية Fragementation ما نصه "وليست أجهزة الإعلام وحدها بحال فيما يتعلق بتوكيد التجزيء. فالحقل الثقافي- التعليمي بأسرة يشجع ويعزز التجزيء إلى ذرات, والتخصص, و التقسيم إلى جزئيات ميكروسكوبية. ويكشف فهرس المقرر الجامعي المشتمل على المواد التي يدرسها الطلاب في العلوم الاجتماعية, التقسيمات التحكمية المفروضة على العملية التعليمية في الجامعة. فكل فرع من فروع الدراسة يصر على نقائه الخاص, و نجد أن النماذج التي تستبعد الآثار غير المحسوبة للتفاعل مع الفروع الأخرى, هي التي تلقى إعجابا أكثر. فعلم الاقتصاد للاقتصاديين, وعلم السياسة لعلماء السياسة. و على رغم أن العلمين لا ينفصلان في عالم الواقع, إلا أن العلاقة بينهما يتم التنصل منها أو تجاهلها أكاديميا." (المتلاعبون بالعقول, تأليف هربرت أ. شيللر, ترجمة عبد السلام رضوان الإصدار الثاني1419هـ, رقم243 من سلسلة عالم المعرفة, ص 41-42)
وفي ملخص بحثٍ لدكتور محمد بلال الجيوسي بعنوان المفارقة والمفاجأة: دراسة في علاقة التفكير بالذكاء ورد ما نصه "لاحظ الباحث الحالي عمق الفصل بين مفهومي التفكير و الذكاء في الأدبيات السيكولوجية, كما لاحظ الإهمال الشديد لدراسة العلاقة بينهما, لذلك فقد هدفت هذه الدراسة إلى بذل محاولة للتركيب بين هذين المفهومين. و لتحقيق هذا راجع الباحث –أولا- المفاهيم الشائعة للذكاء و التفكير, ثم بين أن العلاقة بين هذين المفهومين مرت بأطوار ثلاثة: طور الوحدة, و طور الانفصال, ثم طور إعادة الوحدة. وأوضح الباحث جملة عوامل يعتقد أنها ساعدت على الدخول في الطور الثالث, رغم أن هذا الطور لم يصل إلى مداه بعد.
وانتهي الباحث بتحليل منطقي فلسفي بين فيه أن الذكاء هو صفة للتفكير. وأن التعامل مع هذين المفهومين خارج علاقة الموضوع/المحمول سوف تؤدي بالضرورة إلى مشكلات منهجية وإلى استمرارية فصل المفهومين عن بعضهما.
وأخيرا, أوصى البحث بإعادة النظر في بناء كتب علم النفس ليعاد تركيب التفكير والذكاء معاً, كما أوصى الباحث بتشجيع البحوث في هذا المجال." (مجلة جامعة دمشق للآداب و العلوم الإنسانية والتربوية- المجلد 17- العدد الأول-2001م, ص 61).
أنني لم أشاء فرض مرئياتي و تعليقاتي على النصوص السابقة إلا فيما يخص التعدد الموجه والذي هو الموضوع الرئيس لهذه المقالة. لذا فإني أدعو القراء الأفاضل وخاصة أساتذة الجامعات, إلي قراءة الفقرات السابقة مرات ومرات, مع تدوين ما تجود به قريحتهم من ملاحظات على المقررات الدراسية التي يُدَرِّسـُونها للطَّـلبة, وعلى طريقة التدريس المتبعة, مع العمل الجاد على إجراء ما يرونه مناسبا حيال هذه المناهج والمقررات الدراسية. و لا أخال صدق المقولة التي وردت على لسان أحد أساتذة الجامعة, و التي فحواها أن عقل الطالب كأرض أُعدتْ لبناء مسكن عليها, تأتي محاضرة أحدنا فيرمي فيها أسياخ من الحديد, وآخر يرمي فيها مجموعة من الطوب, وثالث يرمي فيها مجموعة من أكياس الإسمنت, و رابع يسكب عليها خزان من الماء و خامس يلقي فيها شحنة من الرمل وسادس يُلقي فيها مجموعة من الأخشاب, كل ذلك يحصل بغياب كلٍ من مُخَطَّطٍ معتمدٍ للبناء و مقاولٍ تنفيذيٍ بارع و عمالٍ ينفذون أوامر المقاول من حدادين ونجارين و بنائين. فيأتي السباك والكهربائي ومن سيقوم بتلييص البناء و الدَّهانْ ليكملوا المهمة السكنية, فماذا يجدون؟.
أعود بعد هذه الرحلة الإستعراضية والتي طفنا بها سوياً على أقوال العديد من الباحثين المهتمين بتكامل العلوم فأقول: إن تبني هذا النوع من الزواج والذي من أهدافه التأليف بين حقول العلم المختلفة, يقابل الهدف النبوي الكريم من أهمية التأليف بين القبائل العربية المتنافرة التي تزوج منها.
فإذا ما تم لنا ذلك فإننا نأمل من أبناء هذه الأسرة الخماسية وأبناء أبنائها أن يوصلوا المسيرة العلمية والبحثية التي بها يخدمون أمتهم ومجتمعاتهم. وهذا يتعلق بموضعٍٍ كثيراً ما تم لي الدندنة حوله, ألا وهو مشروع البناء العائلي الممتد و دوره المستقبلي في المساهمة في بناء الأمة.
وعلى غرار صناديق إقراض الراغبين في الزواج, يمكن أن تُسْتَحدث هيئة علمية ترعي هذا النوع من الأسر الخماسية, بداء من الخطبة و عقد النكاح, إلى أن تبدأ هذه الأسر الخماسية مزاولة نشاطها البحثي. و قد يدخل في نطاق هذه الهيئة, التنسيق مع المراكز التي تدعم البحوث العلمية, أي تصبح حلقة وصل بين هذه الأسر وبين داعمي البحوث. وفي هذا الصدد ندعو بأن تُستحدث الأنظمة بين الدول العربية والإسلامية لتسهيل عملية التزاوج بين الآكادميين من النساء و الرجال, لهذا الغرض. كما أن في ذلك خطوة عملية للوحدة بين هذه الشعوب, والتصدي لطوفان العولمة التي أحسب أن أهدافها لا تخفي على الجميع. ومما ينبغي إعادته والتأكيد عليه, أن في ذلك تهيئة لمجتمعاتنا لقيادة العالم, فقد المحنا سابقا, أن جميع المجتمعات المتقدمة ستصاب بالشيخوخة بحلول عام 2050م,(بالإضافة إلى المرجع السابق يمكن الإطلاع على مجلة المجتمع الكويتية عدد 1487, 20-26 , ذو القعدة 1422هـ, ص 66). فالصيغة التعددية المطروحة في مقالتنا هذه, ما هي إلا أحد تطبيقات قولة تعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة), وهي صفةٌ اجتماعية مشروعة, لا تملكها المجتمعات الأخرى بل تحاربها.
و مادام الحديث جاريا عن تكامل العلوم و أهميته, فإني أدعو الجميع لتَّفكير الجاد بالبحث عن أكبر قدر ممكن من الوسائل العملية التي تعيد لنا استقامةِ واتساقِ الفلسفات المتخصصة مع بعضها البعض والتي منها نخرج بالفلسفة الكلية الشاملة للوجود ومحتوياته, تلك التي يَحنُّ إليها عالم اليوم المضطرب في سياساته واقتصادياته واجتماعياته. كما ونعيد لعقولنا و عقول أجيالنا الأسلوب التفكيري السديد. فإذا كان التعدد المُوَجَّه الموصوف سابقا, أحد الوسائل, فإني أختتم هذه الحلقة بوسيلة أخري ألا وهي, أنْ نعمدَ إلى أن تتميَّز كتاباتنا من مقالات وأبحاث بنوعٍ من التمازج بين الموضوع الرئيس و بين مواضيع أخري. فمثلا, يمكن لكاتب المقال العَقَدِي أن يتعرض لمعتقداتنا الاقتصادية, وكاتب المقال الأدبي أن يتعرض للعولمة الرأسمالية, وكاتب المقال التربوي أن يتعرض لجغرافية الأرض, وكاتب المقال الدعوى أن يتعرض للتقنية وأهمية توطينها وتطويرها, وكاتب المقال في التسويق أن يتعرض لتسويق القيم, وكاتب المقال التعليمي أن يتعرض للجانب الإعلامي, وكاتب المقال المحاسبي أن يتعرض للجانب الأخلاقي, وكاتب المقال الجهادي أن يتعرض للتقنية العسكرية أو السياسية. هذا على المستوى الثنائي, ويمكن عمل مثل ذلك على المستوي الثلاثي والرباعي. فنجد المقال الذي يربط بين الترابط العائلي وبين العنصر الاقتصادي, والعنصر السياسي, والعنصر التربوي التعليمي. وبالطبع فإني لا أنكر وجود مثل هذه المقالات في صحفنا و مجلاتنا, إلا أنني ومن منطلق المقتطفات السابقة للباحثين نود المزيد, حتى يتم لنا إعادة برمجة العقل العربي و الإسلامي ليصبح شموليا - تكامليا في تفكيره و في تطبيقه. إننا إن بذلنا جهدا طيبا في هذا التوجه, وتم ترجمة ذلك إلى اللغات الأخرى, فإني احسب أن ذلك سيساعد الكثيرين ممن هم خارج دائرة الإسلام على اختيار الدين الإسلامي كمنهج حياة لهم. بل أن هذا التوجه سيخدم فئات جمة من العرب والمسلمين الذين سيطر الفكر الغربي على أساليب حياتهم المعيشية والفكرية.
==========================
[عزيزى الزائر/العضو لا يمكنك مشاهدة الروابط قبل الرد, أضغط هنا للتسجيل]
رد: التعدد و دوره في تكامل العلوم
كتاب
التنمية الاقتصادية المحلية و البيئة
Gibbs, David. Local Economic Development and the Environment.
London: Routledge, 2002
كتاب قيم
في مجال الربط بين السياسات الاقتصادية و السياسات البيئية, و ان الإقتصاد حر ما لم يضر.
فما فائدة اقتصاد حر ينطلق دون مراعاة لمخرجاته المدمرة للبيئة بل للبشرية بأكملها؟
ضع عنوان الكتاب في أحد محركات البحث و ستجد العديد من المقالات التي تناولت مفاهيم الكتاب و توجهاته.
نحن كمسلمين لو إنطلقنا إبتداء من قاعدتنا الاسلامية المتكاملة , لتوجهنا تلقائيا في سياساتنا الاقتصادية و البيئية نحو التكامل بينهما لا التنافر كما هو الحال مع الواقع الغربي لتلك التخصصات العلمية. فنحن خطأً نقلنا علوم الغرب في تلك التخصصات و التي تتصف بالتنافر بينها في حين أنها متخادمة يحمل بعضها بعضا و يسدد بعضها بعضا.
فهل من عودة ؟ أم أننا سنستمر في خط اللوكيميا العلمية؟
هل سنرجع سريعا لمنهاجنا الرباني ثم نسوقه للغرب؟ أم أننا سننتظر الغرب و مؤسساته العلمية كي يعيدنا للتكامل بطريقته الخاصة,والتي قد تكون خاطئة متعثرة؟
هل سنثق بأنفسنا و نعود لذواتنا و نثق بمنهاج ربنا و نكامل بين العلوم كي نحيا حياة سعيدة؟ أم ؟ أم؟
هل ستظل الجامعات تحت حكم المصابون باللوكيميا العلمية, المحاربون للتكامل لجهلهم به؟ أم أن سياسات ستصدر لإعادة برمجتهم علميا حتى يتفيؤ ظلال التكامل العلمي...ويسعون جاهدين لاستقطاب أعضاء هيئة تدريس مؤمنون بالتكامل ساعين بقضهم وقضيضهم لنبذ عنف و إرهاب التخصصات العلمية المؤسسة على التنافر و التشاكس؟
كم نسبة أعضاء هيئة التدريس في جامعاتنا المؤمنون بالتكامل العلمي المعلوماتي؟ و هل هم متفقون على سياسات معينة للتحول من التكسر التخصصي للتكامل التخصصي؟
هل تدرك وزارات التعليم العالي في بلداننا العربية والاسلامية هذا الأمر؟ هل عقدت له مؤتمرات؟ هل لديها سياسات و استراتيجيات واضحة و منفذه للخروج من كابوس و إرهاب اللوكيميا العلمية؟
=-=-=-=-=-=-=-=
[عزيزى الزائر/العضو لا يمكنك مشاهدة الروابط قبل الرد, أضغط هنا للتسجيل]
رد: التعدد و دوره في تكامل العلوم
ميشال دوبوا
أدرك اللوكيميا العلمية, فخرج لنا بالكتاب التالي
ركز معي على عنوان الكتاب
علم اجتماع العلوم
علم اجتماع العلوم.. هل يجيب عن سؤال تخلف العلم في الثقافة العربية؟
قراءة :عبدالله المطيري
العنوان: مدخل إلى علم اجتماع العلوم.
المؤلف: ميشال دوبوا.
ترجمة: د. سعود المولى.
الناشر: المنظمة العربية للترجمة.
تاريخ النشر:2008
توزيع: مركز دراسات الوحدة العربية.
عدد الصفحات: 543صفحة.
علم اجتماع العلوم هو أحد العلوم البينية الناشئة حديثا بسبب الحاجة إلى المزيد من التخصص فهو يقع في نقطة التقاء أربعة علوم : علم الاجتماع العام والعلوم الطبيعية وفلسفة العلوم وتاريخ العلوم. وعلم اجتماع العلوم هو باختصار العلم الذي يدرس العلوم الطبيعية بشكل أساسي وبقية العلوم الأخرى انطلاقا من اعتبارات اجتماعية. بمعنى أنه العلم الذي يقوم على مسلمة أساسية هي: أن التطور العلمي أو حركة البحث العلمي مهما كانت تبدو مستقلة إلا أنها مشروطة بالمجتمع والتاريخ ونسق الحقيقة السائد. إذن هناك، باعتبار هذا العلم، أسباب اجتماعية شاركت في صنع الحالة العلمية كما هي عليه في أي وقت من الأوقات.
قبل الدخول في التفاصيل يمكن هنا القول أن هذا العلم يحمل معه منهجا وأداة علمية مهمة جدا، أقول هذا وأنا أفكر في الحالة العربية، فمن خلال عدّة هذا العلم المفاهيمية يمكن لنا أن نفكر في ظروف العلم الطبيعي في الثقافة العربية بشكل أوضح وأدق. فالعلم هنا يتبدى بوصفه شبكة اجتماعية داخل محيط اجتماعي يؤثر ويتأثر به. فمع المنهج التاريخي والإبستمولوجي من الضروري إدراج المنهج الاجتماعي العلمي في المساعدة على فهم هذه الحالة. ففشل السياق العلمي في الثقافة العربية يمكن أن يقارب من هذا المنظور أي من خلال دراسة الحالة الاجتماعية التي يوجد فيها هذا السياق. ينطلق هذا العلم البيني من رحم علم الاجتماع أساسا ولكنه بسبب الاقتراب من العلوم الطبيعية فقد اكتسب بالضرورة أداة مهمة تمكنه من فهم الأجواء الاجتماعية لهذه العلوم سواء في المختبر أو في المحيط الاجتماعي داخل المؤسسة العلمية أو خارجها.
مؤلف الكتاب هو ميشال دوبوا الباحث في المركز القومي للبحوث العلمية والأستاذ في جامعة باريس العاشرة. ألّف هذا الكتاب سنة 1999م وجعل هدفه التعريف بهذا العلم "علم اجتماع العلوم" من خلال خمسة فصول كبيرة قدم فيها السوابق التاريخية لهذا العلم وبالذات مساهمات دوركهايم وماكس شيلر. ثم البداية لهذا العلم بشكله الحديث مع روبرت مرتون المعترف به كمؤسس لعلم اجتماع العلوم.تعد هذه المرحلة الأولى وتمتد تقريبا من منتصف الخمسينيات إلى مطلع السبعينيات من القرن العشرين وتسمى مرحلة احتكار التراث المرتوني لتوجهات هذا التخصص كانت الأولوية في هذه المرحلة في الدراسات التجريبية لدراسة تأثير المعايير المؤسسية ونسق المكافآت على نشاط العلماء. ثم يستكمل دوبوا الاستعراض التاريخي بعد مرتون من خلال دراسة فترة السبعينيات المتميزة وما بعدها إلى الآن وهي المرحلة الثانية وتحلو فيها الاهتمام إلى دراسة الممارسات التجريبية والمفاهيمية الملازمة للبحث العلمي من خلال دراسة العوامل الاجتماعية التي تسمح بتفسير طريقة ترجيح العلماء إحدى نظريتين متنافستين كما لدراسة السياق المادي والعلائقي لبلورة الوقائع الاجتماعية.
في الفصول الأربعة اللاحقة يقدم دوبوا استعراضاً لأهم الانجازات والمباحث في هذا العلم ففي الفصل الثاني يقدم "منظورات سوسيولوجية حول أسس الجماعة العلمية". وفي الفصل الثالث يضيء مسألة "التراتب، التنظيم الاجتماعي للعمل" داخل المؤسسة العلمية. أما الفصل الرابع فعنوانه "النظرية السوسيولوجية عن الإطار". أما الفصل الخامس فقدم دراسة لإسهام هذا العلم في مجال الخيارات التي يتبناها العلماء والنظريات والاستدلالات العلمية من خلال كشف الجانب الاجتماعي في كل هذه التوجهات.
هل البحوث العلمية في الطب أو الفيزياء أو الكيمياء تبدو كما هي عليه. أي أنها بحوث تتبع المنهج العلمي في البحث وتوجهها التطورات العلمية دون مؤثرات أخرى؟
بمعنى أننا حين نطلع على بحث علمي ما في مجلة علمية أو في كتاب فإننا لا نعثر على أي مؤثرات سوى ما سبق. هل هناك ما هو خلف هذا كله؟
كان هذا هو سؤال علم اجتماع العلوم الأساسي.وإن كانت الإجابة أصبحت معروفة قبل نشوئه أي معرفة ضرورة وجود الأثر الاجتماعي في المنجز العلمي إلا أنه هدف إلى تقديم إجابة علمية منهجية بالدلائل والإثباتات الدقيقة. هذه مهمته وإلا فإن التأثير الاجتماعي على العلوم وغيرها من مجالات المعرفة أصبح معلوما خصوصا مع البحوث الماركسية الاجتماعية والبحوث في المؤثرات الأيديولوجية في العلوم والفلسفات ولكن الإجابات كانت دائما من الخارج،
علم اجتماع العلوم سيأتي لنا بإجابات من الداخل من خلال منهج قريب من المنهج الأنثروبولوجي باعتبار الباحث أصبح جزءا من البيئة العلمية يرصدها ويأتي بقراءة للمؤثرات غير العلمية في العمل خصوصا تلك الاجتماعية أي تلك المؤثرات الناتجة عن العلاقات الاجتماعية داخل المؤسسة العلمية أو بيئة العمل الصغيرة "المختبر". علاقات العاملين الاجتماعية، التراتبية، طبيعة النظام والسلطة تأثير المكافآت والشهرة العلمية، نوع العلاقات مع المؤسسات الأخرى وغيرها من المؤثرات.
من خلال العدد الكبير من الاتجاهات التي استعرضها دوبوا في الفصول الأربعة الأخيرة أصبح واضحا أن هذا العلم الشاب يتمتع بعدد وافر من المناهج والقراءات المتنوعة من خلال مراكز البحث في بريطانيا وفرنسا وأمريكا. وهذا غير مستغرب فإذا كان موضوع هذا العلم هو العلوم الطبيعية والرياضيات فإن التطور والتقدم والتوسع الذي تشهده هذه العلوم يوفر مادة للدراسة لا تنضب واختبارا مستمرا لقدرة هذا العلم على إنجاز مهامه التي تعهّد بها. وباعتقادي أن المستقبل سيحمل معه تطورات كبيرة لهذا العلم باعتبار أن الأسئلة تزداد باستمرار حول العلوم الطبيعية خصوصا البيولوجيا والفيزياء والكيمياء والطب. نتذكر هنا أن الفيزياء أصبحت محط سؤال كبير بعد القنبلة النووية التي فجّرت في هيروشيما و نغازاكي. أسئلة كبيرة، أخلاقية وإنسانية واجتماعية طرحت على هذا العلم وما زالت مطروحة. اليوم البحث الجيني في علم الوراثة يتصدر قائمة المسائلين من عدة جهات، بالتأكيد أن علم اجتماع العلوم له كلمة هنا فهو قادر على الكشف عن الظروف والمؤثرات التي تحيط بالاكتشافات العلمية والنظريات الحديثة.
وإذا أخذنا بموقف كارل بوبر في عدم التفريق بين نظريات العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية و الإنسانية من جهة شروط العلمية فإنه يمكن القول أيضا أن علم اجتماع العلوم يمكن أن يقدم لنا معرفة مهمة في فتح أفق جديد لفهم النظريات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والسياسية من جهة العامل الاجتماعي فيها.
عربيا أعتقد أن هذا العلم سيفيدنا كثيرا في فهم واقع النشاط العلمي بشكل كامل في وسط الثقافة السائدة الحالية.
فهل يمكن مثلا أن نحصل على مجتمعات علمية فاعلة تشتغل بالمنهجية العلمية داخل إطار عام يختلف بشكل كبير وأساسي مع هذه المنهجية.هل يمكن بقعة عقلانية وسط أمواج من اللاعقلانيات والغيبيات ذات السلطة والتأثير الهائل؟ في الغرب هناك بالتأكيد فرق بين المستوى العقلاني داخل المجال العلمي وخارجه ولكن السلطة الاجتماعية هناك مؤسسة بحيث تكون دافعاً للعقلنة والدفع بالبحث العلمي لآفاق أوسع، هناك اعتراضات أخلاقية كبيرة تواجه عدد من مجالات البحث ولكن البنية القانونية وحركة المجتمع قادرة على ألا يؤثر هذه الاختلافات في مسيرة التطور العلمي.أما عربيا فإن الوضع يختلف باعتبار أن البنى غير العقلانية تمسك بالسلطة وتستطيع أن توجه الواقع العلمي والبحثي أو تضغط عليه بشكل كبير حتى تكاد تشلّه.
أيضا هل يمكن خلق وحدات بحثية متطورة داخل نمط الإدارة و التراتبية والعلاقات الاجتماعية العربية. كل هذه أسئلة يمكن لعلم اجتماع العلوم أن يساعدنا في الإجابة عليها ويمدنا بأدوات منهجية وعلمية تساعدنا في الكشف بعمق أكبر عن مشكلات البحث العلمي العربي. في هذا الكتاب"مدخل إلى علم اجتماع العلوم" لميشال دوبوا الكثير من النماذج والمفاهيم التي أثبتت فاعليتها في دراسة مجالها وهو بالتأكيد إضافة مهمة للمكتبة العربية ويستحق المترجم الدكتور سعود المولى جزيل الشكر على هذا المجهود الكبير ونحن في انتظار قادم إبداعاته.
====================
[عزيزى الزائر/العضو لا يمكنك مشاهدة الروابط قبل الرد, أضغط هنا للتسجيل]
النسخة الإلكترونية من صحيفة الرياض اليومية الصادرة من مؤسسة اليمايمة الصحفية
الخميس 4 محرم 1430هـ - 1 يناير2009م - العدد 14801