كشفت دراسة إيطالية أعدها متخصصون في المعلوماتية وعلوم الاجتماع، أن وسائل الإعلام الأوروبية وتحديدا الإيطالية تتعامل مع الاسلام من خلال عمليات العنف التي تقوم بها المجموعات الاسلامية في العالم. وقالت الدراسة ان تزايد الشكوك حول المهاجرين وصولا إلى الشعور بالعداء تجاههم مبعثه التغطية الاعلامية لاحداث العنف التي يقوم بها البعض باسم الاسلام لا سيما في أوروبا إضافة لما سببته أحداث 11 سبتمبر من صدمة لدى الأوروبيين عموما. وذكرت الدراسة التي صدرت تحت اسم «صورة المهاجرين العرب والمسلمين في ايطاليا بين وسائل الاعلام والمجتمع المدني» بدعم من المبادرة الأوروبية ووزارة العمل والسياسات الاجتماعية، أن المتابعة المتواصلة لوسائل الإعلام على مدى السنتين الماضيتين، كشفت أن 95% من حديث وسائل الاعلام عن الاسلام يدور حول العنف الذي ترتكبه بعض المجموعات باسم الاسلام في العالم.
وقال البروفيسور ماريو مورشيليني مدير قسم الاعلام والاتصالات في الجامعة الايطالية بروما الذي شارك في اعداد الدراسة «وسائل الاعلام في ايطاليا تبدو عاجزة عن فهم الظواهر الجديدة، عجز في الفهم، وآخر في التحليل، إضافة للضعف المعرفي بالظواهر، وعدم التقيد بالمعايير الاخلاقية، في العرض والاستخلاص»، وقال «يجب إعادة النظر في السرديات الاعلامية التي باتت تهديدا حقيقيا للمصداقية، وغير مقبولة»، وأورد مثالا على تعاطي وسائل الاعلام لقضايا المهاجرين في ايطاليا قائلا «لو كان هناك 100 شخص من مواطنينا داخل غرفة، ثم دخل إلى الغرفة 7 أو 8 أفراد من العرب أو المسلمين، هل يمكن القول إن الأشخاص قاموا بغزونا، كلا بالتأكيد»، وتابع «في ايطاليا يبلغ عدد الأجانب 6% مقارنة بعدد السكان وإذا أضفنا إليهم المهاجرين غير النظاميين يصبحون 8%، معظمهم من العرب والمسلمين، وهذا العدد لا يمكن أن يشكل غزواً لبلادنا». وطالب بإعادة النظر فيما سماه «بالحماقات التي تقبلناها بسهولة كبيرة» وأن «تعمل وسائل الاعلام بشكل جيد».
وكانت الدراسة التي استغرق إعدادها سنتين كاملتين قد ذكرت أن 48.4% من الحالات التي يجري الحديث عنها في التلفزيون حول العرب والمسلمين في ايطاليا تتعلق بالحوادث التي يسقط فيها ضحايا، و29.7% منها قدمت العربي والمسلم على أنه ارتكب عملا مخالفا للقانون، و3.3% جرى الحديث عن عرب ومسلمين لم يرتبط الحديث عنهم بمخالفات جنائية. أما التقارير التلفزيونية فتفيد الدراسة أن 56.7% تتمثل تلك التقارير في الجرائم والمخالفات، في حين لا يحظى الاندماج إلا بنسبة قليلة، وتضيف «في 8% من الحالات يكون موضوع الهجرة غير موضوعي وعدائيا». وتطرقت الدراسة لآراء المواطنين الايطاليين حول المهاجرين العرب والمسلمين، والتي تم تشكيلها من قبل وسائل الاعلام الايطالية 62.9% يرونهم سببا للمشاكل، في حين يعتبر 36.2% من الايطاليين الذين لديهم مصادرهم الخاصة في استقصاء المعلومات، كحصول صداقات جيدة لهم مع عرب ومسلمين، العرب والمسلمين مساهمين في تنمية موارد البلاد»، وتقول الدراسة «تقديم العرب والمسلمين على أنهم مجرمون والهجرة السرية سبب للمشاكل السكانية والبطالة تغذي موجة العداء للعرب والمسلمين». وقالت الدراسة إن دور الدولة الايطالية في عملية الاندماج ضئيل، لكن الهجرة تم استيعابها بشكل جيد. وعن صورة الاسلام في العالم من خلال الصحافة والتلفزيون الايطالي قالت الدراسة «على مدى 3 سنوات (من 2000 إلى 2003) الكثير من المواضيع ونسبتها 95% من المادة الاجمالية التي تتعلق بالاسلام تدور حول الاصولية الاسلامية، والمجموعات المسلحة والارهاب والعنف، وهذه صورة مشوهة للمشكلة».
وأشارت الدراسة إلى حصول اعتقالات في صفوف العرب والمسلمين لا علاقة لأسبابها بالإرهاب، لكن تم تقديم المتهمين على أنهم أعضاء في «القاعدة» أو المجموعات المسلحة الأخرى «حصلت اعتقالات من دون تركيز في نابولي، وفي جييلا، وفي بولونيا، وفي ناتسيو، إضافة لحادثة القنوات الشهيرة حول السفارة الأميركية في روما، فلم يكن أي من المعتقلين المائة الذين اعتقلوا في السنوات الأخيرة على علاقة بـ«القاعدة». بينما كانت وسائل الاعلام تتحدث عن علاقتهم بـ«القاعدة»، مما جعل «القاعدة» تظن ان لها أنصاراً كثيرين في أوروبا، مستعدين للقيام بأعمال إرهابية، وبنت على ذلك مواقفها المختلفة في تعاملها مع الحكومة الأوروبية»، وتضيف «وسائل الاعلام تعاملت في كثير من الأحيان مع قضايا جنائية على أنها إرهابية، في حين أن شخصاً واحداً فقط حوكم في قضية بيع دراجات مسروقة، وكثيرا ما يتم إضافة صفة الإرهاب إلى عمليات السرقة أو الخداع وبقية القضايا الجنائية الصرفة».
وقالت الدراسة إن «وسائل الإعلام تقوم بالترويج لـ«القاعدة» من حيث لا تدري وتعطيها حجما أكبر مما هي عليه بالفعل». إلا أن الدراسة أشارت في نهايتها إلى أن وسائل الإعلام المكتوبة في ايطاليا بدأت تتحفظ على نشر الأخبار التي تضخم من موضوع الارهاب، والقاعدة.. «شيء ما تغير في طريقة تناول الاسلام، تغير كبير في محتوى الموضوعات التي باتت أكثر توازناً وخارج الافكار النمطية في الصحف الايطالية، في حين تتواصل تلك الأفكار في التلفزيون والقنوات الفضائية». وقالت الدراسة «كل برنامج عن الاسلام في التلفزيون يبدأ بمشاهد جماعات وهي تؤدي الصلاة، أو بصورة امرأة محجبة، أو بمشاهد عنف، وهكذا يوجد الانفصام بين المحتوى الذي أصبح أكثر توازناً، متنبها للتعقيدات، وبين الجزء المصور الذي بقي تقليديا ونمطيا
http://www.asharqalawsat.com/index.htm