أخــلاقنـــا ~ الدرس الخامس ~

...حماية الأخـــــلاق "الجزء الأول"...

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولاعدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبع هديه إلى يوم الدين...

اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي واجعل الحياة زيادة لي في كل خير واجعل الموت راحة لي من كل شر...اللهم كما حسنت خَلقي فأحسن خُلقي...والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين وبعد.

هيأت تشريعات الإسلام الجو المناسب للحياة الأخلاقية الفاضلة، بما شمله الإسلام من:


نظام اقتصادي كامل ونظام سياسي محكم ونظام اجتماعي دقيق

وبما تضمنه من حث متكرر على التزام مكارم الأخلاق وحمايتها، وتحذير من ذميم الأخلاق وتنفير منها

وبما حواه من بيان لما يترتب على الأخلاق في الدنيا والآخرة بالنسبة للفرد والمجيمع من نتائج وآثار.

فقد شرع الإسلام بعض العقوبات صيانة للأخلاق الفاضلة وحمايتها:


1- حفاظاً على الأمانة شرع الإسلام عقوبة السرقة:


قال تعالى:"وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"


وعن عائشة رضي الله عنها قالت:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع يد السارق في ربع دينار فصاعداً".


والدينار في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يزن 4 جرامات وعليه فيكون نصاب القطع في السرقة هو مايساوي قيمته جراماً واحداً من الذهب الخالص،

ويكون التقدير بحسب سعر الذهب وقت وقوع السرقة.

ومن القصص على ذلك قصة فاطمة بنت الأسود " المرأة المخزومية"


2- حماية للحياء والعفة فقد شرع الله عقوبة الزنا:


قال تعالى:"الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ".

وهذا حد الزاني البالغ البكروكذلك الزانية البالغة البكر

وقد ثبت في السنة تغريب عام على الخلاف في ذلك.

أما المحصن أي المتزوج فعقابه الرجم حتى الموت. ومن العلماء من يقول يجلد مائة جلدة ثم يرجم وكذلك المحصنة.

روى مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الثيب جلد مائه ثم رجم بالجحارة، وال بكر جلد مائة ثم نفي سنة".

إن الإسلام ليس مولعاً بإقامة الحدود ولا متعطشاً إلى إراقة الدماء..

كــــــــــــلا...


إن الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب من مرتكب الجريمة - أربع مرات- أن يراجع نفسه، فالستر أولى من الفضيحة فلعل هناك شبهة تدرأ الحد عنه.

لكن المذنب يأتي بنسه راضياً صابراً لينفذ فيه حكم الله ولا يحاول الهروب من عقاب الدنيا،فلعل هذا العقاب يجبر كسره ولعل الله يقبل توبته.

نعم لقد تاب ( ماعز) توبة( لو قسمت بين أمة لوسعتهم)!!

وتابت ( الغامدية ) توبة( لو قسمت بين أهل المدينة لوسعتهم)!!


وكما حرم الإسلام الزنا حرم اللواط:

قال تعالى:" أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنْ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ "

وجعل عقوبة اللواط مثل عقوبة الزنا

وقد شرع الإسلام أيضاً عقوبة ( قذف المحصنات ):

قال تعالى:"وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (4) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ "

وقذف الرجال داخل في حكم الآيه بالمعنى وإجماع الأمة على ذلك

فليس القذف خاصاً بالنساء فقط


فليتنبه شباب اليوم لما يدور على ألسنتهم من حديث خشية أن يقعوا في هذه الجريمة البشعة، والتي أعتبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات.

بهذه التشريعات تصان الأعراض ويكون المجتمع عفيفاً حيياً طاهراً نقياً.

3- صيانة للعدل شرع الإسلام عقوبة القصاص:


قال تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ".


ففي القصاص حياة عظيمة وبقاء للأنفس، فإن القاتل إذا علم أنه سيقتل ارتدع وانزجر، فأحياء نفسه من جهه وأحيا من كان يود قتله من جهة أخرى.

وقرر القرآن:"أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً "


بل إن الإسلام يذهب إلى أبعد من ذلك حينما يشرع العقوبة المالية على من قتل نفساً خطأ:

قال تعالى:"وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنْ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (92) وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً".


هكذا نرى أن عقوبة القاتل أفظع عقوبه: خلود في جهنم - غضب من الله ولعنه - وعذاب عظيم.


هذا درسنا وسنكمل بقية الدرس في درس آخر وإلى لقاء آخر نستودعكم الله الذي لاتضيع ودائعه .

وفقنا الله وإياكم أن نحصن السنتنا من الشرك والنفاق

اللهم طهر قلوبنا من الرياء والسنتنا من النفاق وأعمالنا من الكذب ..وأجلعنا اللهم من أهل التوحيد أهل لا إله إلا الله اللهم.وأجلعنا اللهم ممن يقال لنا قوموا مغفورٌ لكم

اللهم كما جمعتنا على الخير ففرقنا على الخيروصلى الله على نبينا محمداً وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ان لا إله إلا انت أستغفرك وأتوب إليك