النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الأحياء العشوائية بين المصالح الشخصية وبعثرة الأنظمة البلدية ...

  1. #1

    Post الأحياء العشوائية بين المصالح الشخصية وبعثرة الأنظمة البلدية ...


    الأحياء العشوائية بين المصالح الشخصية وبعثرة الأنظمة البلدية


    نشرت "الوطن" في عددها 1423 في صفحة المحليات استطلاعاً تناول دراسة علمية أعدتها مديرة القسم النسائي بإدارة مكافحة المخدرات بجدة الباحثة عبلة حسنين فنالت بها درجة الدكتوراة، موضوعها: "النمو الحضاري وأثره في تشكيل أنماط السلوك والانحراف في المجتمع السعودي"، وميدانها التطبيقي مدينة جدة، كشفت هذه الدراسة عن وجود 26 حياً عشوائياً، نشأ أقدمها بعام 1374هـ عن طريق وضع اليد على أراضيها دون تخطيط سابق، وعمرت معظم مساكنها دون ترخيص أو إشراف من البلدية، هجر معمروها معظم مساكنها بعد تحسن أوضاعهم في فترة الطفرة الاقتصادية إلى أحياء مخططة، وحلت العمالة الأجنبية محلهم لتدني مستوى إيجاراتها، فإذا بمعظم تلك الأحياء العشوائية تغدو مأوى لمخالفي الأنظمة وللمتخلفين من العمالة الهاربة والحجاج والمعتمرين، تتصف تلك الأحياء العشوائية بتخطيطها السيئ وبمساكنها الشعبية المتهالكة وبشوارعها الضيقة غير المنتظمة مما يصعب الوصول إلى الهدف المطلوب أمنياً فيها.


    كما كشفت هذه الدراسة عن حقائق مروعة منها أن 93% من جرائم السكر، و88.9% من تعاطي المخدرات و100% من تهريب المخدرات وترويجها، ومن حيازة السلاح غير المرخص وإطلاق النار، والدجل والشعوذة، والزنا والجرائم الأخلاقية وقعت في تلك الأحياء العشوائية، فخرجت الباحثة بنتائج مفادها أن العشوائيات قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أية لحظة، حيث يقطنها مراهقون وشباب في بداية الطريق يجدون أنفسهم ضحايا في دائرة تعاطي المخدرات والجريمة بأنواعها، فكل شيء مباح والأجواء مهيأة لتحويلهم إلى مجرمين. فالشعور بالضياع والدونية وبعدم الكفاءة وبالحرمان من الحاجات الأساسية، وبالإحساس بضآلة المكان وبالبؤس مع اضطراب في العلاقات الإنسانية وفي علاقات العمل عوامل تدفع إلى الجريمة، فسلوك الجريمة ما هو إلا تعبير عن عدم القدرة أو الفشل في تحقيق النجاح، فخصائص سكان الأحياء العشوائية من انخفاض المستوى التعليمي والمهني ومستوى الدخل تفرز هذه النسب العالية أعلاه، فمن بين سكان الأحياء العشوائية 16% أميون، و30% يقرأون ويكتبون فقط، و54% حاصلون على شهادة ابتدائية، لذلك لم تتجاوز نسبة العاملين من بينهم 31% منهم 16.5% فقط عمال مهرة، ومن مجموعهم 32.5% لا دخل لهم، و15% لم يتجاوز الدخل الشهري لهم 1000 ريال، لذلك فنسبة دافع الحصول على المال لارتكاب الجريمة وصلت إلى 42.5% من دوافع من ضبطوا مجرمين.

    استعرضت مما نشر عن هذه الدراسة ما له علاقة بما أريد كتابته موجزاً في هذه المقالة بالآتي:

    إذا ما كانت نسبة سكان الأحياء العشوائية من بين سكان مدينة جدة تصل إلى 30% وأن معدلات نموهم السكاني مرتفعة بالزيادة الطبيعية شأن الأحياء الفقيرة ذات التعليم المنخفض والبطالة المرتفعة، ومرتفعة بالزيادة غير الطبيعية بالمتخلفين والمخالفين لتنامي هذه الظاهرة مع ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي لبلادنا فكيف ستكون هذه الظاهرة بعد سنوات في مدينة جدة، وكيف هي في مدننا الأخرى.

    يتبين المتابع والمتقصي للأنظمة البلدية أن هناك أنظمة تبلورت في السنوات الأولى لنشأة البلديات والتي سبقت نشأة هذه الأحياء العشوائية تحول دون هذه الظاهرة، لذلك فليس الخلل في الأنظمة وإنما الخلل في التطبيق، وليست ظاهرة العشوائيات من الظاهرات التي تنشأ وتتكون بالخفاء وتنمو دون ملاحظة مسؤولي البلدية واكتشافهم لها، لذلك يحق لي كمختص في ميدان هذه الدراسات جغرافيا طرح الكثير من التساؤلات على الوطن ومسؤولية الغيورين أين كان مسؤولو البلديات في المدن التي ظهرت فيها الأحياء العشوائية بهذا الحجم من المشكلة؟ وماذا حال دون قيامهم بأدوارهم في تطبيق الأنظمة البلدية؟، لا شك في أن القارئ سيستنتج إجابات هذه الأسئلة وغيرها.

    ومع ذلك فخلال الفترة التي ظهرت فيها تلك الأحياء العشوائية وتنامت سكانيا وعمرانيا تعاقب على رئاسة أمانة جدة رؤساء أشادت وسائل الإعلام المختلفة بجهودهم وربما كرموا باحتفالات كثيرة وكبيرة أثناء سنوات خدماتهم وعند نقلهم أو تقاعدهم، فعلام كان التكريم وقد خلفوا أكبر مشكلة عمرانية وخدمية واجتماعية وأمنية في بلادنا؟، وهذا ليس خاصا بمدينة جدة بل ينسحب على جميع مدننا ذات الأحياء العشوائية.

    فإذا أضيفت إلى ظاهرة الأحياء العشوائية ظاهرة المخططات التي لا تختلف عن الأحياء العشوائية بضيق شوارعها وبخلوها من أراض للخدمات التعليمية والصحية والحدائق والملاعب وغيرها، وظاهرة تمدد المدن وتجاوزها نطاقاتها العمرانية المحددة لها مرحلياً بخطى أسرع من كفاءة البلديات في إشرافها العمراني والخدمي والاقتصادي والاجتماعي وهي مسؤولياتها الرئيسية، فإنه تبرز تساؤلات كثيرة وإجاباتها ليست صعبة على قدرة المتابع العادي، والتي تتمحور حول المصالح الشخصية وتشعباتها على مختلف مستويات المسؤولية في البلديات.

    هذا ما يجعل مسيرة الإصلاح الوطني في خطوتها بتجربة المجالس البلدية ضرورة مرحلية للحيلولة دون تنامي مشكلات مدننا صغيرها وكبيرها، فهل ستضع المجالس البلدية حلولاً لتلك المشكلات في أولياتها العملية؟، وهل ستتمكن من الحد من هذه المشكلات إن لم تتمكن من علاجها؟، نعم باعتبار أن من أهداف المجالس البلدية الحيلولة دون تغليب المصالح الشخصية.

    لعل وزارة الشؤون البلدية والقروية تبلور أنظمتها في البلدية بإعداد رؤية مستقبلية وصياغة استراتيجية وطنية محددة الأهداف والغايات واضحة المعالم والخطوات تحول دون التجاوزات وتعالج إرث العقود الماضية، أتمنى ذلك، كما أتمنى تبلور أنظمتها القروية بإعداد رؤية مستقبلية وصياغة استراتيجية أخرى تحول دون بعثرة العمراني الريفي في مستوطنات صغيرة غير قابلة للنمو، متناثرة في أديم صحارينا تكلف حكومتنا في إيصال الخدمات الأساسية إليها، اكتشفت مصلحة الإحصاءات العامة مقارنة بين التعدادين السكانيين الأخيرين هذه العشوائية في ظهور المستوطنات الريفية ونشأتها بعيدة عن طرق المواصلات وأنها أسرع ظهوراً من إعداد الخرائط أو تحديثها ومن تحديث عمليات حصر إمارات المناطق لمستوطناتها الريفية، وعموماً فإني من خلال دراساتي العليا وأبحاثي في جغرافية الريف وفي جغرافية العمران الريفي أعلم بصدور أنظمة كثيرة تنظم ذلك وتعالجه ولكنها أنظمة تتضارب أحياناً وتتناقض أخرى وتتبعثر بين أقسام البلديات وإداراتها بحيث تخفى على المسؤول غير الجاد وهنا تبرز ضرورة دراستها وبلورتها برؤية وطنية وصياغتها باستراتيجية وطنية، فهل حان الوقت لتوجيه التنمية وجهة علمية أم ما زلنا نسير فيها سيراً عشوائياً يولد من المشكلات ما يقضي على المنجزات قبلها وبعدها ويهدر الإمكانات المادية ويعطل الكفاءات البشرية؟.

    الدكتور عبدالرحمن عبدالله الواصل - عنيزة

    جريدة الوطن



  2. #2
    مدير وصاحب الموقع
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مكة المكرمة
    المشاركات
    4,413
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    اؤيده وبشدة
    والمشكلة لدينا في مكة اشد واعظم
    وكنا ولا زلننا ننادي وبشدة بالقضاء وبيد من حديد على هذه الظاهرة قبل ان تصل الى مرحلة لا يمكن التعامل معها
    وحقيقة السؤال هو اين مراقبي الامانات عن هذه المخالفات منذ البداية ولماذا الانتظار حتى الاستفحال؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    ابو عبدالله

المواضيع المتشابهه

  1. 105 مؤسسات حكومية تعتمد على الأنظمة المالية النمطية
    بواسطة minshawi في المنتدى الدراسات والبحوث
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-09-16, 08:03 PM
  2. الفرق بين العينة العمدة والعينة العشوائية
    بواسطة الحامد في المنتدى التحليل الاحصائي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 02-12-09, 04:13 AM
  3. الأحياء العشوائية.. حواضن الخارجين عن القانون!
    بواسطة minshawi في المنتدى الباحث والموقع في وسائل الاعلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-19-07, 11:48 PM
  4. آلية جديدة لمتابعة المعاملات البلدية
    بواسطة الماوردي في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-11-07, 07:51 AM
  5. دراسة تكشف: العشوائية قنابل موقوتة
    بواسطة minshawi في المنتدى دراسات العلوم الأمنية والقانوينة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-16-06, 05:35 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

جميع الحقوق محفوظة لموقع منشاوي للدرسات والابحاث