نشرت صحيفة الاقتصادية في عددها الصادر يوم الأحد, 25 ذو الحجة 1427 هـ الموافق 14/01/2007 م - العدد 4843
ماهر المصري من مكة المكرمة - مكة المكرمة - 17/09/1426هـ
ألقت السلطات الأمنية في مكة المكرمة خلال شهر رمضان المبارك القبض على 130 نشالا ونشالة من جنسيات مختلفة، وفتحت الجهات المختصة تحقيقات موسعة لاتخاذ الإجراءات النظامية بحقهم ومحاكمتهم.
وكشفت دراسة أجريت على ظاهرة النشل والمفقودات في المسجد الحرام، وما يترتب على حدوثها، خاصة في مثل هذه الأماكن المقدسة، عن آثار اجتماعية واقتصادية خطيرة قد تؤدي إلى الفوضى. وتكمن أهمية هذه الدراسة في كونها تمثل الحلقة الأولى في سلسلة الإجراءات التي يمكن أن تتخذ لردع المتلاعبين والمتهاونين من ضعاف النفوس، وذلك بالتعاون مع الجهات الأمنية المسؤولة في المسجد الحرام حرصا على سلامة وأمن المعتمرين والمصلين في المسجد الحرام وما يجاوره من ساحات.
وقام فريق البحث العلمي المكون من الدكتور جمال رشيد الكحلوت من معهد خادم الحرمين الشريفين، والعقيد محمد عبد الله المنشاوي من شرطة العاصمة المقدسة، وفريق العمل الميداني من رجال الأمن وجامعي المعلومات، بعمل دراسة مسحية عن هذه الظاهرة خلال موسم رمضان العام الماضي وهو الموسم الذي تشتد فيه تلك الظاهرة.
وتركزت أهداف الدراسة على التعرف على الخصائص الديموغرافية للجناة المقبوض عليهم بتهمة النشل في المسجد الحرام، وكذلك الأشخاص المجني عليهم ممن تعرضوا للنشل، والتعرف كذلك على الأساليب والحيل التي يتبعها الجناة في ارتكابهم جريمة النشل في منطقة المسجد الحرام وما حوله من ساحات وسبل مكافحتها وتوعية الجمهور من الوقوع فيها. ومن واقع تحليل بيانات الدراسة جاءت أبرز النتائج: إن المتعرضين للنشل من مرتادي المسجد الحرام أعمارهم غالبا فوق 35 سنة، والمعتمرون القادمون من خارج المملكة هم الأكثر عرضة للنشل، وذلك لكثرة أعدادهم خلال شهر رمضان، كما أن طول وقت بقائهم في المسجد الحرام عامل مساعد أيضا.
كما أظهرت الدراسة أنه ليس هناك تأثير واضح للمستوى التعليمي للمعتمر في تعرضه للنشل أو فقدان أغراضه. كما أن النساء أقل تعرضا بشكل واضح للنشل وفقدانهن حاجياتهن مقارنة بالرجال في منطقة المسجد الحرام، فيما أظهرت الدراسة أن المتزوجين أكثر عرضة للنشل.
وأكدت نتائج الدراسة أن المعتمرين لأول وثاني مرة هم أكثر المتعرضين للنشل من غيرهم، وأشارت إلى ضعف التوعية بين المعتمرين عن السرقة والنشل في المسجد الحرام. وبيّنت أن المواقع متوسطة الزحام هي الأكثر تعرضا لحوادث النشل وتمثل الأسواق والساحات الخارجية المحيطة بالمسجد الحرام والمطاف في المقام الأول أكثر الأماكن التي تكثر فيها حالات النشل ولايلاحظ أغلب المتعرضين للنشل من قام بنشلهم.
وأظهرت الدراسة أن أغلب الأشياء المسروقة هي النقود ثم الأوراق الثبوتية ثم المحافظ الشخصية وجوازات السفر، ودفاتر الإقامة وقرابة ثلاثة أرباع المفقودات الموجودة لم تسلم إلى أصحابها لكون أغلبهم قد سافر. وعلى مستوى الجنسيات المتعرضة للنشل أظهرت الدراسة أن المعتمرين المصريين هم أكثر المتعرضين للنشل ثم الجنسية اليمنية ثم النيجرية، ومن ناحية تقديم البلاغات عن السرقات والنشل فإن الجنسية المصرية كانت الأكثر في تقديم البلاغات ثم السعوديون. ويمثل الأسبوع الأخير من رمضان النسبة الكبرى في عمليات النشل إذ بلغت 50 في المائة من حالات النشل على مستوى الشهر كاملا.
وكشفت الدراسة أن أغلب النشالين في سن الشباب إذ تراوح أعمارهم بين 18 و 35 سنة وأغلبيتهم أميون. ونصف الجناة من المتزوجين وذوي الدخل المنخفض (أقل من ألف ريال شهريا) وأكثر النشالين كانوا من الجنسيات اليمنية ثم المصرية ثم النيجرية. وأكثر المقبوض عليهم ضبطوا داخل أروقة المسجد الحرام وفي ساحة المطاف حيث يكون توقيت وجودهم ووفودهم في بداية الشهر من رمضان.
وأظهرت الدراسة أن ثلاثة أرباع النشالين قدموا بهدف العمرة و10 في المائة لم يسبق لهم أن أدوا العمرة فيما أن هناك نسبة لا بأس بها من النساء النشالات.
وجاءت هذه الدراسة التي طبقت فيها استبانات لجمع المعلومات على 38 حالة تعرضت لحالات النشل وتقدم أصحابها ببلاغات لدى أقسام الشرطة، في حين تم القبض على 261 من الجناة. وطبقت الدراسة على عينة عشوائية من المعتمرين والمصلين بلغت 243 حالة الذين تعرضوا فعلا لعمليات النشل في المسجد الحرام، إضافة إلى تحليل بيانات 2404 حالات بلاغ مفقودات في المسجد الحرام فقط خلال مدة الدراسة.
وشددت الدراسة على أهمية تنفيذ برنامج توعوي للمعتمرين، خاصة القادمين لأول مرة، بضرورة المحافظة على أغراضهم من الفقدان والنشل بتوزيع المنشورات وبلغات مختلفة، كما ينبغي التركيز في مراقبة وتحري النشالين لمن هم في سن الشباب، ضرورة وجود صناديق أمانات في كل فندق وسكن معتمرين لوضع نقودهم وجوازات سفرهم وتفعيل ذلك ومتابعتها رسمياً وعدم حملها معهم للطواف والسعي. وتكثيف التعاون الدولي للحد من ظاهرة قدوم عصابات النشل في موسمي العمرة والحج.
http://www.aleqt.com/news.php?do=show&id=794