إبطال الاستدلال بيسر الدين على مخالفة الشرع بآراء الرجال


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد : فإن الباعث لكتابة هذه الكلمة هو نقض دعوى جواز مخالفة أدلة الشرع بآراء الفقهاء احتجاجاً بأن الدين يسر ،وأن اختلاف العلماء رحمة ، واختيار أيسر أقوال الفقهاء ،وإن خالف الكتاب والسنة ،وهذا عين الباطل ،وسيكون الحديث معكم فى العناصر الآتية : ماهية عمل الفقهاء ثم الحق واحد لا يتعدد ثم بطلان مقولة كل مجتهد مصيب ثم بطلان مقولة اختلاف العلماء رحمة ثم ماهية يسر الدين هدانا الله إلى الحق ووفقنا إليه . أولاً : ماهية عمل الفقهاء : أخوتاه اعلمـوا أن الفقهاء ليسوا مشرعين ، ولكنهم مظهرون لحكم الله ، لذا تجـــدهم متثبتين فيما يقولونه فهم يخبرون عن أن الله حرم كذا وأحل كذا ،ولذلك كل قول ينسبه قائل إلى الشرع فلسنا ملزمين به ما لم يأت بما يُثبت ما يقول فإن الشرع لا يثبت بأقوال الرجال ، والحــق لا يوزن بالرجال، ولكن يوزن الرجال بالحـق ، والرجال يُستدل لهم ، ولا يستدل بهم ، والحكـم الشرعي إذا نسب إلى فقيه مجتهد ، فإنه لا يعني أنه الحاكم بل هو مخبر عن حكم الله ،واجتهاده يجب أن يكون مستنداً إلى حكـم الله U من الكتاب أو السنة ؛ لذلك إن حكم بالنص القرآني أو الحديثي ، فقد حكم بحكم الله ، وإن لم يجد نصاً واجتهد ، فيجب أن يكون اجتهاده هو ما يظنه أنه حكــم الله، وليس له أن يحكــم بهواه ، أو برأيه المجرد ، أو بما يستحسنه من عند نفسه دون نظر إلى مقاصد الشرع وأهدافه وقواعد الشريعة وأحكامهـــا ، وهذا يعني في المحصلة النهائية أنه يحكم بحكم الله ، فإن أصاب فمن الله، وإن أخطأ ؛ لأنه غير معصوم فإن هذا الحكم ينسب له ،ولا ينسب إلى دين الله وتشريعه ،ولما كان العلماء المجتهدون، والقضاة، يجتهدون فيصيبون مرة ، ويخطئون أخرى كان الدين الذي تعبدنا الله به هو كلامه وكلام رسوله فقط ؛ لأن كلام الله وكـلام رسوله هو الكلام المعصوم من الخطأ .