النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: أهمية خطبة الجمعة

  1. #1
    مشرفة عامة
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    الدولة
    جدة
    المشاركات
    1,907

    افتراضي أهمية خطبة الجمعة

    الأمة الإسلامية أمة غراء ، سمة شريعتها أن يعبد الله وحده في الأرض ، وزمام هذا وقطب رحاه هو الدعوة إلى ذلك وبثه بالأقوال والأفعال . ولما كان القول باللسان له وقع في القلب ، وتأثير حسن في أذن السامع ، ولأن الدعوة تستدعي ألسنة قوالة من أهل الإسلام لتأييده ونصره ، ونشر تعاليمه ومبادئه على أحسن وجه وأكمل حال ؛ فإن مخاطبة الحشود والجماعات قلما تتفق بصفة متكررة إلا في الجمع والأعياد ، ولعل من أوائل أنواع الخطابة في الإسلام هو ما صدع به المصطفى صلى الله عليه وسلم بين ظهراني قريش بعدما أنزل الله عليه قوله : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} فصعد على الصفا ثم نادى : (( يا صباحاه )) فاجتمع الناس إليه بين رجل يجيء إليه ، وبين رجل يبعث رسوله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يا بني عبدالمطلب ، يا بني فهر ، يا بني لؤي ، أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم ، صدقتموني ؟ )) قالوا : نعم . قال : (( فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد )) . فقال أبو لهب : تباً لك سائر اليوم ، ألهذا جمعتنا ؛ فأنزل الله {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} رواه البخاري ومسلم(1) .
    فخطابة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع لم يعهد لها من قبل مثيل بهذه الكيفية ، وهذا التوقيت وهذه الجرأة ، ولذلك كانت من أهم الحوادث وأعظم البواعث للدعوة الجهرية التي أطلقت الألسن من عقالها ، وأثارت الخطابة في الإسلام من مكمنها ، وأغرت العقول بأحكامها والتفنن فيها ، واختلاب الألباب بسحر بيانها فوق ما كانت عليه في جاهليتها . كيف لا ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو القائل في معرض حديث عن الخطبة : (( إن من البيان لسحراً )) رواه البخاري ومسلم(2) .
    وبعد فرض صلاة الجمعة وخطبتها أصبحت صلة النبي صلى الله عليه وسلم بجمهور الناس تتكرر نهاية كل أسبوع ؛ مما أضفى على الخطبة شيئاً من الأهمية والمكانة ؛ لأنها منبر التوجيه والإرشاد ، فضلاً عن الأعياد والمناسبات العامة كالكسوف والاستسقاء ، ثم ورثها من بعده خلفاؤه الراشدون ، وهم أركان البلاغة ، ودعائم البيان ، وسادات الفصاحة ، ثم من بعدهم ملوك بني أمية وعمالهم ، ثم خلفاء بني العباس ، ثم اتسعت حتى أصبحت في العلماء والمشايخ ، إلى أن اتسع نطاقها لما هو أبعد من ذلك حتى أصبح في مصرٍ واحدٍ في هذا العصر أكثر من ألفي جامع ، ولله الحمد والمنة .
    وقد اشتهر في أمة الإسلام خطباء كثيرون يصعب حصرهم ، غير أن من أشهرهم علي بن أبي طالب ، وعبدالله بن عباس رضي الله عنهم ، وهو الذي قالوا عنه : إن ابن عباس : خطب بمكة وعثمان رضي الله عنه محاصر خطبة لو شهدتها الترك والديلم لأسلمتا . وقد ذكره حسان بن ثابت
    فقال :

    إذا قال لم يترك مقالاً لقائل
    كفى وشفى ما في النفوس ولم يدع
    سموت إلى العليا بغير مشقة
    بملتقطات لا ترى بينها فضلا
    لذي إربةٍ في القول جداً ولا هزلا
    فنلت ذُراها لا دنيّاً ولا وغلا (3)


    وقال الحسن : كان عبدالله بن عباس رضي الله عنه أول من عرف بالبصرة ، صعد المنبر فقرأ البقرة وآل عمران ، ففسَّرهما حرفاً حرفاً . وكان والله مِثجّاً يسيل غرباً (4) ، وكان من الخطباء أيضاً عطارد بن حاجب بن زرارة ، وقد قال فيه الفرزدق بن غالب :
    ومنا خطيب لا يُعاب وحاملٌ أغرُّ إذا التفَّت عليه المجامع (5)
    وكان من الخطباء المشاهير أيضاً عبدالله بن عروة بن الزبير ، وزيد بن علي بن الحسين ، والفضل بن عيسى الرقاشي ، وقس بن ساعدة ، وعمرو بن سعيد الأشدق ، وأبو الأسود الدؤلي ، ومنهم أيضاً شبيب بن أبي شيبة ، والحسن البصري ، وبكر بن عبدالله المزني ، ومالك بن دينار ، ويزيد الرقاشي ، ومحمد بن واسع الأزدي ، وغيرهم كثير وكثير ، ليس هذا محلاً لحصرهم .
    ولقد أعجبني كلام جميل لطيف للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله يذكر فيه أهمية الخطبة وها أنا أوجز شيئاً منه لأجل أن تحل الفائدة محلها .
    فقد قال رحمه الله : " إني أحاول أن ألقي اليوم خطبة ، فلا تقولوا قد شبعنا من الخطب ، إنكم قد شبعتم من الكلام الفارغ ، الذي يلقيه أمثالي من مساكين الأدباء ، أما الخطب فلم تسمعوها إلا قليلاً ، الخطب العبقريات الخالدات التي لا تنسج من حروف ، ولا تؤلف من كلمات ، ولكنها تنسج من خيوط النور الذي يضيء طريق الحق لكل قلب ، وتحاك من أسلاك النار التي تبعث لهب الحماسة في كل نفس .
    ولا تقولوا : وماذا تصنع الخطب ؟ إن خطب ديموسئين صبت الحياة في عروق أمة كادت تفقد الحياة ، وهي كلمات وقفت سداً منيعاً في وجه أعظم قائد عرفته القرون الأولى ، الإسكندر ، ووجه أبيه من قبله : فيليب .
    وخطبة طارق هي التي فتحت الأندلس . وخطبة الحجاج أخضعت يوماً العراق ، وأطفأت نار الفتن التي كانت مشتعلة فيه ، ثم وجهته إلى المعركة الماجدة ، ففتح واحد من قواد الحجاج أكثر مما فتحت فرنسا في عصورها كلها ، وبلغ الصين ، وحمل الإسلام إلى هذه البلاد كلها ، فاستقر فيها إلى يوم القيامة ، ذلك هو قتيبة بن مسلم .
    ولما اجتاح نابليون بروسيا ، ما أعاد لها حريتها ، ولا ردَّ عليها عزمها ، إلا خطب ( فِختِه ) التي صارت لقومه كالمعلقات يحفظها في المدارس الطلاب ... الخ (6) . اهـ .
    هذا حاصل كلام الشيخ رحمه الله . والذي من خلاله يتضح شيء من الأهمية لخطب الجمع والمواسم من جهة التأثير على الناس في دعوتهم إلى ما فيه صلاحهم في الدنيا والآخرة . فلله ما أعظم رتبة الخطباء ، وما أكرم مكانتهم . إنهم يغدون في خمائل الخطابة ، فتراهم تارة يحذرون ، وتراهم تارة يبشِّرون ، وأخري يعظون ، ورابعة يذكّرون ، يستلينون الناس بالقول إذا قسوا ، ويستخضعونهم به إذا عصوا ، ويمتلكون أفئدتهم بالرغبة والرهبة أخرى ، فلله ما أعظم محل الخطباء في النفوس ، وأنفذ كلامهم في القلوب ، وأشد إثارتهم للعواطف ، وبالله كم تتجه الأنظار نحوهم ، وتحدق الأبصار شاخصة بهم، وتلتف حولهم القلوب، وتترامى إليهم الآمال .
    ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
    (1) انظر : صحيح البخاري برقم ( 4801 ) ، وصحيح مسلم برقم ( 208 ) .
    (2) انظر : صحيح البخاري برقم ( 5146 ) ، وصحيح مسلم برقم ( 869 ) .
    (3) انظر : البيان والتبيين للجاحظ ص (174) .
    (4) انظر : البيان والتبيين للجاحظ ص (174) .
    (5) انظر : المصدر السابق
    (6) انظر : هتاف المجد للشيخ علي الطنطاوي ص (23) .
    "

    ياربّ الطمأنينة التي تملأُ قلبي بذكرك..


  2. #2

    افتراضي

    sarab
    كلام جميل و تعليقي هو
    موضوع ذو علاقة

    دور النسوة في خطبة الجمعة
    د. يوسف محمد السعيد
    لقد نمى إلى مسامع الكثير منكم ما قامت به د. أمنة ودودو من أداء خطبة أحد الجمع في نيويورك, فقد ألقت الخطبة وصلت بالناس رجالا و نساء.
    لن أخوض في ما قامت به د. آمنة ودودو, فقد تم الحديث عنه في منتديات وصحف ومجلات كثيرة.
    الذي أود إثارته هو :
    كيف يكون للمرأة المسلمة دور في المشاركة في خطب الجمع والعيدين, دون أن تخرج عن الحدود الشرعية التي وصفها كتاب الله و سنة نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم؟
    هل يمنعها الشرع المطهر من تحضير خطبة الجمعة و مناولتها أحد الخطباء ليلقيها على الناس؟
    هل للخطيب إذا أعجب ببحث أو مقال رصين لامرأة, هل له أن يختصره ويعدُّه على شكل خطبة جمعة و يلقيه على الناس .. ويذكر أن مصدر خطبته هو المقال الفلاني أو البحث الفلاني للكاتبة أو الباحثة أو الشيخة فلانة بنت فلان؟
    ألا يملك النساء قدرات تحضير الخطب كما يملك ذلك الرجال؟
    أليس عند النساء من الهموم و المعلومات و الأخبار ما يوددن أن يسمعهن الرجال؟
    ألا تستطيع كل معلمة وموجهة تربوية ومرشدة طلابية أن تعد خطبة جمعة عن واقع عملها, تجاربها في هذه المهنة, ماذا تريد من أولياء أمور الطالبات, ما ذا تريد من وزارة التربية والتعليم؟ ألا تستطيع التوجيه من خلال إعداد خطبة جمعة في هذا , وتناولها خطيبا تتفق معه على هذا ؟
    هل يمانع الخطباء من مساعدة النساء لهم في الإعداد؟
    هل يخبر الخطيب المصلين بأن هذه الخطبة مُعدة من قبل فلانة بنت فلان أو من فاعلة خير؟
    هل يأنف الرجال من سماع متطلبات النساء من على منبر يوم الجمعة؟
    هل يأنف الرجال من أن توجههم امرأة؟
    هل سنجد في المستقبل القريب كتبا بعنوان "الخطب الجامعة للفتاة اللامعة فلانة بنت فلان" لتكون مرجعا يستفيد منه الخطباء.؟
    هل حصل في التاريخ و أن أعدت امرأة خطبة جمعة؟
    هل لم يحصل لكن ذلك غير محرم؟
    هل تأثم النساء بتخليهن عن هذه القناة التوجيهية؟
    هل للمتعلمات من النساء عذر في التخلي عن دعم هذا المنبر؟
    هلا قامت كل امرأة ألفت كتابا أو عملت بحثا أن تقتنص منه بعضا من العناصر لتكون محاور لخطب جمع متعددة؟
    هل نتوقع أن تكون المرأة أقدر على إعداد الخطب التربوية من الرجل؟
    هل سنشجعها نحن الرجال على مشاركتها إيانا في خطب الجمع والعيدين بالصورة التي ذكرت ؟
    هل سنجد في الساحة من المسلمين من سيعترض على هذه الخطوة؟ وما دليل اعتراضه؟

    ولقد سألت الشيخ صالح الرشيد من بريدة السؤال التالي:

    امرأة حَضَّرت و أعدَّت خطبة جمعة و تريد مناولتها لأحد الخطباء ليلقيها على الناس من على منبر الجمعة, فهل في ذلك بأس ؟

    فكانت إجابته: لا بأس طيب طيب جدا, فقد ترى المرأة أمورا يغفل عنها الرجال.

    فقلت له: هل يخبر المصلين بان تلك الخطبة مُعدَّة من فلانة بنت فلان؟

    فقال: نعم , نعم, إن لم يكن في ذلك حرج.

    قلت له: بعض المصلين من الرجال قد يأنف من سماع خطبة من امرأة, وقد يكون هناك رد فعل سلبي.

    فقال: ما ينبغي أن تكون ردة الفعل تلك, و إن كان الخطيب يشعر بأن هناك عدم قبول من الناس للخطبة أو خشي الفتنة, فلا يعلن للناس أن تلك الخطبة مُعدَّة من امرأة.

    قلت له: ألا تعتقد أن عقلية المجتمع في وقتنا الحاضر أكثر انفتاحا وقبولا لمثل هذه الخطوة؟

    فقال: بلى , بلى.


    =======================
    http://islameiat.com/cms10/php/discuss/show1.php?aid=54

    موقع إسلاميات

المواضيع المتشابهه

  1. المرأة و خطبة الجمعة و العيدين
    بواسطة د. المقريزي في المنتدى منتدى د. المقريزي
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 06-22-12, 06:12 PM
  2. خطبة الجمعة كتاب الكتروني رائع يحوي 150 خطبة في مختلف المواضيع
    بواسطة عادل محمد في المنتدى الكتاب الالكتروني
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-27-09, 12:52 PM
  3. خطبة يوم عرفة
    بواسطة ديمه في المنتدى دراسات العلوم الاجتماعية والنفسية والادبية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-15-09, 07:16 PM
  4. خطبة الجمعة
    بواسطة د. المقريزي في المنتدى منتدى د. المقريزي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-21-08, 09:30 PM
  5. خطبة من 700 كلمة بدون حرف الالف
    بواسطة فهد محمد جان في المنتدى نفحات إيمانية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-26-05, 10:17 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

جميع الحقوق محفوظة لموقع منشاوي للدرسات والابحاث