النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: {إذا مـسّ بالسراءِ عـمَّ سرورُها..!!

  1. #1
    مشرفة عامة
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    الدولة
    جدة
    المشاركات
    1,907

    افتراضي {إذا مـسّ بالسراءِ عـمَّ سرورُها..!!

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    نِعَم الله تترى على العباد في كل لحظة ، بل مع كل نَفَس


    (وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَاسَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَتُحْصُوهَا
    إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ )

    )

    وواجب العبد نحو نِعمِ ربِّه أن يَشْكرَهـا ولا يكفرها.
    لأن النِّعم إنما تدوم وتُستدرّ بالشُّكر .


    فما هو الشُّـكُـر ؟
    وكيف يكون ؟

    الشُّكر هو : الثناء على المحسن بذِكرِ إحسانه بما أولاكه من المعروف .
    وقيل : هو تصورُ النعمةِ وإظهارُها .

    قال سهل بن عبد الله : الشكر : الاجتهاد في ذل الطاعة ، مع اجتناب المعصية في السر والعلانية .

    وقال الجُنيد : الشكر ألاّ يُعصى اللهَ بِنِعَمِه .

    وقال الشِّبلي : الشكر : التواضع ، والمحافظة على الحسنات ، ومخالفة الشهوات ، وبذل الطاعات ، ومراقبة جبار الأرض والسماوات .
    ( ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله ) .

    وهل هناك أكثرُ إحساناً عليك وإنْعاماً ممن رزقك وأنت في بطن أمك ؟ وسوّغ لك الطعامَ والشراب ؟ وألبسك لباسَ الصحة والعافية ؟ وأعطاك المال والأهل والولد ؟

    وذكّرك مولاك بنعمته فقال : (أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ *
    وَلِسَانًاوَشَفَتَيْنِ *وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)

    قال مجاهدٌ وغيره : هذه نِعمٌ من اللهِ متظاهرة يُقرِّرُكَ بـها كيما تشكر .
    وقال ابن مسعود في
    قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ) : قال :

    حقّ تقاته : أن يُطاع فلا يُعصى ، وأن يُذكر فلا يُنسى ، وأن يُشكر فلا يُكفر .

    فالشُّكر إذاً من لوازم التقوى . ودخول الجنة مرتبط بتقوى الله ، وكذلك قبول العمل والدخول في رحمة أرحم الراحمين .
    والشكر وصف ممدوح ووصف جليل ووصف محبوب
    وقد وصف الله نبيّه نوحا بأنه ( كَانَ عَبْدًا شَكُورًا)


    وامتدح الله عبده لقمان بأنْ آتاه الله الحكمة ورزقه الشكر ، فقال :
    (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ
    لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) .


    والشُّكر مما أهمّ الأنبياء كيفية أدائه

    يُروى أن موسى عليه الصلاة والسلام قال يوم الطور : يا رب إن أنا صليت فَمِنْ قِبلك ، وإن أنا تصدقت فَمنْ قِبلك ، وإن أنا بلغت رسالتك فَمِنْ قِبلك ، فكيف أشكرك ؟ قال : الآن شكرتني .


    والشُّكرُ يكون في ثلاثة مواضع :

    بالقلب وباللسان وبالجوارح .

    فبالقلب اعتقاداً أن الله وحدَه هو المنعمُ المتفضّلُ بـهذه النِّعم لقوله تبارك وتعالى : ( وَمَابِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ)

    وأن من سوى الله من الخلق إنما هم سببٌ لجريان شيء مِن النِّعم على أيديهم .

    وفي الحديث : لا يَشكرِ اللهَ من لا يشكرِ الناس . رواه الإمام أحمد وأبو داود .

    وفي الحديث الآخر : إن أشكر الناس لله عز وجل أشكرهم للناس . رواه الإمام أحمد .

    وقال عليه الصلاة والسلام : من صنع إليكم معروفاً فكافئوه .

    فهذا كلّه يدلُّ على شكرِ الناس لا على نسبةِ النعمة إليهم
    وشكر الناس أمرٌ مطلوب ، كما قال الله تعالى :
    (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ )


    قال الحسن : قال موسى عليه السلام : يا رب كيف يستطيعُ ابن آدم أن يؤدي شكر ما صنعت إليه ؛ خلقته بيدك ، ونفخت فيه من روحك ، وأسكنته جنتك ، وأمرت الملائكة فسجدوا له ؟ فقال : يا موسى عَلِمَ أن ذلك مني ، فَحَمِدَنِي عليه ، فكان ذلك شكرا لما صنعته . رواه هناد في الزهد .

    وقال صلى الله عليه وسلم : ما أنعم الله على عبد ، فحمد الله عليها إلا كان ذلك الحمد أفضل من تلك النعمة . رواه الطبراني وغيره ، وصححه الألباني .

    قال سليمان التيمي : إن الله أنعمَ على العباد على قدْرِه ، وكّلّفَهُم الشكرَ على قدْرِهم ، حتى رضيَ منهم من الشكر بالاعترافِ بقلوبهم بِنِعَمِهِ ، وبالحمد بألسنتِهم عليها .

    ويكون الشكر باللسان لقوله تعالى :
    ( وَأَمَّابِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ )

    فيتحدّث العبدُ بنعمة ربِّه عليه اعترافاً بـها ، وقبولاً لها ، وشكراً لمن أسداها ، وأنعمَ عليه بـها.

    لو كلَّ جارحة منِّي لهـا لغـةٌ *** تثني عليك بما أوليتَ من حسنِ
    لكان ما زان شكري إذا أشرتُ به *** إليك أجمل في الإحسان والمنن

    فيتحدث العبد بنعمة الله عليه بلسان مقاله ، وبلسان حاله .

    وفي صحيح البخاري من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : سيدُ الاستغفار أن تقول :

    اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدُك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ،أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك عليّ ، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت .
    فتضمّنَ الحديثُ الاعترافَ بنعمةِ اللهِ عليه .

    وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من الطعام قال :

    الحمد لله الذي أطعم وسقى ، وسوّغه وجعل له مَخْرَجا
    . رواه أبو داودَ والترمذي .

    وفي صحيح مسلم من حديث أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأَكْلَةَ فيحمدَه عليها ، أو يشربَ الشّرْبَةَ فيحمدَه عليها .

    قال بكر بن عبد الله : ما قال عبدٌ قط : الحمدُ لله مرةً ، إلا وجبت عليه نعمةٌ بقوله : الحمدُ لله ، فما جزاء تلك النعمة ؟ جزاؤها أن يقولَ : الحمد لله ، فجاءت نعمـةٌ أخرى فلا تنفد نعماءُ الله . رواه ابن أبي الدنيا في الشكر .
    فكلُّ نعمةٍ فمن الله وحدَه حتى الشكر فإنه نعمةٌ وهي مِنْـهُ سبحانَه ، فلا يطيقُ أحدٌ أن يشكرَه إلا بنعمته ، وشكرُه نعمةٌ مِنْهُ عليه ،

    كما قال داود عليه الصلاة والسلام : يا رب كيف أشكرُك وشكري لك نعمةٌ من نعمك عليّ تستوجبُ شكراً آخر ؟ فقال : الآن شكرتني يا داود . ذكره الإمام أحمد في الزهد .

    وذَكَرَ عن الحسن أنه قال : قال داود : إلهي لو أن لكل شعرة من شعري لسانين يذكرانك بالليل والنهار والدهرَ كلَّه لما أدّوا مالَكَ عليّ من حقِّ نعمةٍ واحدة .

    إذا كان شكري نِعْمَةَ الله نعمةً *** عليَّ له في مثلها يجبُ الشكرُ
    فكيف وقوعُ الشكر إلا بفضله ***وإن طالت الأيامُ واتصل العمر
    إذا مس بالسراءِ عمَّ سرورُها ***وإن مسَّ بالضراءِ أعقبها الأجر
    وما منهما إلاّ لـه فيه مِنّـةٌ *** تضيقُ بها الأوهامُ والبـرُّ والبحر

    وكتب ابن السماك إلى محمد بن الحسن – حين وَلِيَ القضاء –

    : أما بعد فلتكن التقوى من بالك على كلِّ حال ، وخفِ الله من كل نعمةٍ أنعم بـها عليك من قِلّةِ الشكر عليها مع المعصية بـها ، فإن في النعم حُجـةٌ ، وفيها تَبِعَةٌ ؛ فأما الحجةُ بـها فالمعصيةُ بـها ، وأما التبعةُ فيها فقلّة الشكر عليها ، فعفى الله عنك كلما ضيعت مِـنْ شكر ، أو ركبت من ذنب ، أو قصرت من حق .
    هذا تحـدّثٌ بالنعمة بلسان المقال

    وأما بلسان الحال ففي لباس الإنسان ولباس أولاده وحالهم لقوله صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى يُحب أن يُرى أثـرُ نعمتِه على عبده . رواه الإمام أحمد وغيره ، وهو حديث صحيح .

    وفرق بين أن يَرى الخلق أثـر النعمة وبين الإسراف .

    لقوله عليه الصلاة والسلام : كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير إسراف ولا مخيلة . رواه البخاري تعليقا ، رواه الإمام أحمد والنسائي .

    وقال ابن عباس : كل ما شئت والبس واشرب ما شئت ، ما أخطأتك اثنتان سرف أو مخيلة . علّقه البخاري ، ورواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق موصولا .
    وفي المسند وغيرِه عن أبي الأحوص الجُشَميّ عن أبيه قال : رآني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وعليّ أطمارٌ ، فقال : هل لك مال ؟
    قلت : نعم .
    قال : من أي المال ؟
    قلت : من كل المال قد آتاني اللهُ عز وجل ؛ من الإبل والرقيق والخيل والغنم .
    قال : فلتُرَ نِعَمُ اللهِ وكرامتُه عليك .
    أي ليرى الناس أثر نعمة الله عليك ، فهذا من شُكرها بلسان الحال .

    ويكونُ الشكرُ عَمَلاً بالجوارح بأن لا تعملِ الجوارحُ إلا بما يُرضي مولاها سبحانه .

    فيعمل العبدُ بطاعة ربِّه ، خِدمةً لسيِّدِه ، لا يرى أنه صاحب معروفٍ بعمله ، بل ينظر إلى أعماله كلِّها على أنـها قطرةٌ في بحر جودِ مولاه جل جلاله ، وأنه مهما عمِلَ من عملٍ فإنه لا يؤدّي شُكرَ أقلَّ نعمةٍ يتقلّبُ بـها

    (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)


    وقد أنعم الله عز وجل على العبد بالجوارح والأعضاء التي لا تُقدّر بثمن ، ولو كانت تُباع أو تُتشرى لكان الأثرياء وأصحاب رؤوس الأموال أكثر الناس تمتعاً بالصّحة !



    لفضيلة الشيخ : عبد الرحمن السحيم ..حفظه الله..



  2. #2

    افتراضي

    جزاك الله الف خير مشرفتنا الفاضله
    والف حمد والف شكر على كل النعم يارب

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

جميع الحقوق محفوظة لموقع منشاوي للدرسات والابحاث