نواعم القاعدة» لسن ضحايا دائما
دراسة تؤكد: 40 بالمائة من مواقع الفكر الضال تديرها نساء وفتيات
«الخنساء» أشهر موقع لتجنيد النساء في أعمال الانترنت
عبد الله العماري - الرياض
«نواعم القاعدة» ... لسن ضحايا دائما

أعاد بيان وزارة الداخلية يوم أمس الأول إلى الأذهان ملف النساء في تنظيم القاعدة حيث أظهر البيان انه تم القبض على مستخدم معرفات "الأسد المهاجر، الغريبة، بنت نجد الحبيبة، النجم الساطع",والتي اتضح أنها تعود لامرأة وقد جرى بعد معالجة أمرها تسليمها لذويها. وتؤكد دراسة بعنوان "النساء في تنظيم القاعدة" أعدها مركز الدين والسياسة للدراسات أنه يخطئ من يعتقد أن النساء المنتميات لتنظيم القاعدة مغرر بهن دائما ويقعن فريسة جهلهن ومداراتهن لأزواجهن وذويهن.دور النساء:وتقول الدراسة إن المرأة في المجتمعات الإسلامية المحافظة يغلب عليها أن تكون تابعة، لكنها في بعض الأحيان لا تكون كذلك ولاسيما مع التنظيمات الجهادية الحديثة التي تقفز على كثير من أبجدياتها لأجل مصالحها الحزبية، ويؤكد ذلك خروج "وفاء الشهري" من بلادها إلى اليمن متحملة الغربة ومخاطر السفر ومشقة ووعورة الطريق. وليس أدل على ذلك ما قاله يوسف العييري "مؤسس تنظيم القاعدة في المملكة"، في رسالة كتبها عن أهمية دور المرأة في التنظيم وعنونها بـ "دور النساء في جهاد الأعداء"، حيث قال فيها: "وسبب مخاطبتنا في هذه الورقات للمرأة هو ما رأيناه بأن المرأة إذا اقتنعت بأمر كانت أعظم حافز للرجال بأدائه، وإذا عارضت أمرا كانت من أعظم الموانع له"، مستعرضاً في رسالته سيرة الكثير من النساء اللاتي شاركن في القتال في أفغانستان.

تنوع المهام:
وأضافت الدراسة أن المستقرئ لتاريخ النساء في القاعدة يلاحظ تنوع المهام التي تقوم بها النساء، فلا يقتصر دورهن على الخدمات المساندة من إعداد المسكن والمأكل والمشرب لذويهن فحسب, وإنما لعبن دوراً هاما في نشر أخبار التنظيم والترويج له عبر الشبكة العنكبوتية "الإنترنت"، وانتهاءً بتهريب الأسلحة وتنفيذ العمليات الانتحارية.
ولفتت الدراسة إلى إحصائية صادرة عن أحد مراكز الأبحاث إن 40 بالمائة من مواقع أصحاب الفكر المتطرف كانت تديرها نساء أعمارهن ما بين 18- 25عاماً، وكان لهن الدور البارز في التأثير على الأخ أو الزوج ودفعه للانضمام إلى جماعات الفكر الضال مع تقديم الدعم المعنوي أو التقني لهذه التنظيمات!
ويبرز موقع "الخنساء" كأنموذج يعبر عن الرغبة الجديدة لدى "القاعدة" في تجنيد النساء في أعمال الإنترنت حيث يخاطب الموقع المرأة بشكل خاص.
إشادة إرهابية:
وفي أحد حواراته المسجلة حرص المطلوب "سلطان بن بجاد العتيبي" على الإشادة بدور زوجته أم حمزة التي توفيت بمرض السرطان في جمع الأموال وإيواء الإرهابيين في منزلها، وتوزيع الكتب والأشرطة التي تحتوي على تكفير المشايخ والعلماء، مشيرا إلى أنها كانت تواقة إلى القيام بعملية انتحارية في المملكة.
وعليه يخطئ من يظن أن نداء "وفاء الشهري " أواخر شهر مايو 2010 لنساء القاعدة في السعودية بالهروب إلى اليمن طلب للأنس مع أزواجهن عندما وجهت مقالة نشرتها مجلة «صدى الملاحم»، نداء إلى «نساء أرض الحرمين» قالت فيه: «إذا عجز الرجال عن الدفاع عنكن والمحافظة عليكن، فتعاليْن إلى أُسود المجاهدين في جزيرة العرب ليكرموكن، ويذودوا عنكن»، في تحريض سافر على تهجيرهن إلى مناطق الفتن والصراعات، بل هو بمثابة إعلان عن بداية لتأسيس تنظيم للخدمات المساندة يتولى قيادته والعمل به النساء، وذلك لجمع الأموال وتوفير الرعاية وعلاج المطلوبين وتهريب الأسلحة، وتقديم الدعاية الإعلامية عبر الشبكة العنكبوتية, ناهيك عن تجنيد النساء والفتيات والتغرير بهن ولاسيما بعد الحصار الأمني الصارم على التنظيم الذي جعله يلجأ إلى نساء وأطفال تحت مسمى "طيور الجنة" للقيام بعمليات انتحارية داخل المملكة ودول الخليج.
وبيان التنظيم حول هيلة القصير يبين عظم الدور الذي كانت تقوم به، ولاسيما فيما يتعلق بالدعم اللوجستي عبر تحويل الأموال وتجنيد عناصر جديدة، حيث أكد تنظيم القاعدة باليمن في تسجيل جديد لسعيد الشهري شن عمليات انتقامية كبيرة تشمل الخطف، انتقاما للقيادية المعتقلة، ويعد هذا هو البيان الثاني الذي تصدره القاعدة بخصوص المعتقلة هيلة القصير.
المرأة القاعدية .. والعمليات العسكرية:
لجوء تنظيم القاعدة إلى استخدام النساء في العمليات الانتحارية في العراق بشكل مكثف ودعوة قادته للمرأة القاعدية في دول الجوار وعلى رأسها السعودية للمشاركة العسكرية وعدم الاقتصار بدور المساند أو المتفرج يطرح بدوره الكثير من التساؤلات حيال هذا الإصرار في الوقت الحالي.

والمتتبع لتاريخ العمليات الانتحارية النسائية يلاحظ تنوعا كبيراً في المكونات الثقافية والعقدية والرقعة الجغرافية التي شملتها العمليات، إذ أنها سبقت قيام تنظيم القاعدة بسنوات طويلة، كما أن المرأة القاعدية لم تشارك في العمليات الانتحارية إلا في وقت متأخر عندما دعا قادة التنظيم في العراق وعلى رأسهم أبو مصعب الزرقاوي منذ عدة سنوات النساء إلى القيام بالعمليات الانتحارية.
ففي الشيشان انتشرت مجموعة تسمى بـ "الأرامل السوداء" وهن مجموعة من السيدات فقدن أزواجهن في معارك مع الجيش الروسي وقمن بارتكاب عمليات انتحارية تباعاً انتقاما لأزواجهن.
واستخدمت نمور التاميل وحركة إيلام في سريلانكا النساء في الكثير من عملياتها الانتحارية، ففي الهند قامت ثينموزي راجاراتنام الناشطة في جبهة تحرير نمور التاميل بتنفيذ تفجير انتحاري في 21 مايو أيار 1991, أسفر عن مقتل رئيس وزراء الهند راجيف غاندي في تجمع انتخابي بولاية تاميل نادو جنوب البلاد.
وفي 16 مارس آذار 1999م لقي أربعة أشخاص على الأقل مصرعهم وأصيب خمسة آخرون عندما فجرت انتحارية نفسها في ضاحية بالعاصمة السريلانكية كولومبو أمام عربة تقل الرئيس مما أسفر عن إصابته بجروح.
وشهدت العراق أول تفجيرين انتحاريين على يد نساء في العام الأول للاحتلال الأمريكي 2003م، قبل أن يتحول الأمر إلى ظاهرة عام 2007عندما شهد العراق ثمانية تفجيرات انتحارية قامت بها نساء.
التنوع العقدي والثقافي والامتداد الجغرافي للرقعة التي شهدت عمليات النساء الانتحارية لا يدع مجالا للقول إن تلك العمليات حكر على بيئة أو فكر معين وإنما هي ثقافة الموت والقتل التي لا تفرق بين رجل وامرأة أو كبير وصغير.
لماذا النساء؟:
لجوء القاعدة إلى تجنيد النساء في الأدوار اللوجستية والعسكرية يعود إلى عدة أسباب كالتالي:
1- صعوبة قيام الرجال بمهام التنظيم نتيجة الحصار الأمني المكثف وتجفيف منابع الإرهاب إذ أن جميع الإرهابيين أصبحوا مستهدفين ومعروفين لدى الأجهزة الأمنية.
2- الحاجة إلى الأضواء والرغبة في إحداث ضجة إعلامية كبيرة بعد خفوت تلك التنظيمات والتضييق عليها وجفاف الكثير من منابعها، وليس أدل على ذلك من كون جميع العمليات الإرهابية التي كانت النساء طرفاً فيها أحدثت ردة فعل واهتمام إعلامي كبير، بالرغم من كون تلك العمليات في كثير من أحوالها لا ترتقي إلى الحد الذي يجعلها تحدث معه تلك الضجة إذا ما كان العنصر المرتكب لها غير أنثى، وهو بالطبع ما يحتاجه ويشجعه بشدة قادة تلك الخلايا والتنظيمات الإرهابية فالمرأة بتفجيرها نفسها تقدم خدمة أكبر من مجرد التفجير ألا وهي الدعاية الإعلامية الغائبة.
3- سهولة تجنيد السيدات عن طريق اللعب على وتر الانتقام لمقتل أحد ذويهن مثل الزوج أو الأب أو الأخ أو الابن الذي ما يكون غالباً عضوا في التنظيم، ويصل الأمر في كثير من الأحيان إلى اختطاف أولياء بعض النساء من قبل تنظيم القاعدة لإجبار النساء على القيام بتلك الأعمال الإجرامية لإطلاق سراح ذويهن وفقاً لتحليلات عن مختصين، ويلعب الجهل بالدين وقلة الوعي لدى معظمهن عاملاً رئيسا في الاستدراج والتأثير وعملية غسيل المخ!!
4- سهولة وصلوهن إلى الأهداف مقارنة بالرجال نظراً لنجاحهن في اجتياز الحواجز الأمنية دون تفتيش كون المرأة لا تثير الشكوك غالباً.
5- إضافة إلى سهولة اختلاق المرأة للأعذار كالحمل مثلاً فتستطيع حمل قنبلة تصل إلى أكثر من خمسة كيلوات أو أن تضع حزاما ناسفاً حول قفصها الصدري وبالطبع سيصعب تفتيشها نظراً للأعراف والتقاليد المتبعة سيما في البلدان العربية والإسلامية.
6- عدم توافر عناصر أمنية نسائية مؤهلة بالشكل المطلوب، وهو الأمر الذي استفادت منه القاعدة في العراق فقامت بتجنيد نحو 60 انتحارية قمن بعمليات أودت بحياة آلاف العراقيين.
المرأة تفضح تناقض القاعدة:
والناظر إلى الدعوات التي وجهت مؤخراً من جانب قادة تنظيم القاعدة لإقحام المرأة في الجانب العسكري، يلاحظ تناقضا كبير لدى حملة هذا الفكر مما يجعلنا نقول إن القاعدة لا تسير وفق منهج واحد أو ربما تغير قناعاتها بتغير المواقف والظروف، وذلك لأن الفكر التنظيري للجماعات الجهادية لا يشجع الاستعانة بالنساء في العمليات العسكرية، إذ أن جهاد المرأة في نظرهم يتأتى من خلال الالتزام الكامل بواجباتها كأم وزوجة لتوفر الراحلة لزوجها والرعاية والتربية لأبنائها في الوقت الذي يتفرغ فيه الرجل للمشاركة في الجهاد والتدريب عليه.
وليس أدل على ذلك ما نقل عن الرجل الثاني في التنظيم أيمن الظواهري من أن النساء ليس لهن مكان في التنظيم وأن دورهن يقتصر على المنزل فقط، وهو بالطبع خلافا لم عليه النساء القاعديات في الحقيقة إذ أن أدوار المرأة في التنظيم تخطت محيط المنزل بمراحل.
وتعود نقطة التحول الكبيرة عندما أعلن زعيم التنظيم في العراق أبو مصعب الزرقاوي عن تجنيد امرأة لتنفيذ عملية انتحارية في بلدة تلعفر القريبة من الحدود السورية في سبتمبر2005م، ثم قيامه بتشجيع النساء وحثهن على المشاركة في العمليات الانتحارية الأمر الذي أدى إلى استجابة العشرات من النساء في العراق واللائي ذهبن ضحايا لتلك الدعوات ومن ذلك قيام العراقية ساجدة الريشاوي بالتسلل إلى الأردن لتنفيذ عملية انتحارية في أحد فنادق العاصمة الأردنية برفقه زوجها وانتحاريين لكنها فشلت في تفجير نفسها وتم القبض عليها فيما نفذ زوجها ورفيقاه العملية التي أودت بحياة الأبرياء.
قد تكون مرحلة مكوث المرأة القاعدية في المنزل والاكتفاء بالعمل على راحة ذويها من حملة الفكر المتطرف من إعداد المأكل والملبس والمشرف والبعد عن المشاركة العسكرية والميدانية خطوة أولى اتبعها التنظيم في البداية إلا أنها لم تدم طويلاً إذ سرعان ما استخدمت المرأة بشكل واسع ورئيسي في الدعم اللوجستي من خلال عمليات جمع الأموال وتحريض النساء وإيواء العناصر المطلوبة وتهريب الأسلحة، والترويج والدعاية الإعلامية عبر الشبكة العنكبوتية إذ أن 40%من المواقع الإلكترونية والمنتديات التابعة لتنظيم القاعدة والمتعاطفة معها تديرها وتشرف عليها نساء، بحسب ما أعلنته حملة السكينة التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية بالسعودية والمتخصصة في محاورة أصحاب الفكر الضال عبر شبكة الإنترنت.
ويعتقد البعض أن التوجه القاعدي لتجنيد الانتحاريات يظل استثناءً يخفي بين ثناياه هدفاً تعبويا على اعتبار أن المرأة الضعيفة سبقته في الهمة وطلب الجهاد والتضحية بنفسها في سبيل الله وهو أقدر منها الأمر الذي يؤدي لاستثارة الرجل، فيما يرى مراقبون أن لجوء التنظيم للنساء دلالة إفلاس فالحصار الأمني أصبح كبيرا والجهود الأمنية المكثفة جففت الكثير من المنابع وأعادتهم إلى الجحور والغرف المظلمة فلم يعد أمامهم سوى حيلة العاجز وهي استخدام النساء والتغرير بهن وتقديمهم قرابين وهدايا لفكرهم الضال من أجل الوجود الإعلامي والإحساس بالتواجد ومكابرة النفس عن الاعتراف بالهزيمة والضعف وهزال مواقفهم.
الجانب الفكري لنساء القاعدة:
فبالرغم من وجود تلك الحالات بكثرة والتي كانت النساء فيها ضحايا للولي "الزوج أو الأب أو الأخ"صاحب الفكر المتطرف, إلا أن هناك حالات عديدة قامت فيها المرأة بأدوار كبيرة في نشر الفكر المنحرف والدفاع عنه والترويج له بالكتابة والمناظرة عبر الإنترنت وبالدعوة في أوساط النساء بطرق مباشرة وغير مباشرة.
ولعل مجلة "الخنساء" النسائية التي صدر العدد الأول منها في شهر رجب 1425 عما يسمى بالمكتب النسوي بجزيرة العرب تبرز الأدوار التي لعبتها المرأة القاعدية على المستوى الفكري والتأصيلي, وليس في الدعم اللوجستي والخدمات المساندة فحسب، كما يعتقد البعض أن دورها اقتصر على إعداد المشرب والمسكن وتوفير الراحة للزوج وإيواء رفاقه وخدمتهم.
فلم تكتف المجلة بتوجيه خطابها إلى النساء فحسب وإنما اعتمدت في أغلب موادها ومقالاتها على طاقم نسائي برز من خلاله مدى إدراك المرأة القاعدية وتعمقها في الكثير من القضايا الفكرية التي حاولت تأصيلها والذود عنها وفق منهج التنظيم الفاسد، ومشاركة المرأة في الجانب الفكري لتنظيم القاعدة امتدت أيضا إلى تأليف وإعداد الرسائل والكتيبات والمطويات ومن أمثلة ذلك رسالة بعنوان "يا نساء دوركن .. فقد نام الرجال" من 15 صفحة نشرها موقع صوت الجهاد لمن أسمت نفسها بـ"منى صالح الشرقاوي" تكرس فيها المؤلفة منهج التطرف والغلو والتكفير مخاطبة بنات جنسها على وجه التحديد داعية إياهن إلى عدم التباطؤ في نصرة الدين والاتكاء على الرجال فتقول: "فيا من أكرمك الله ورفع قدرك لا تحقري من المعروف شيئاً، فتتباطأي منتظرةً دور الرجال في نصرة دينك وتتكاسلي في خدمته وأخُصُّ من ذلك فروض الأعيان فلا فرق بين الرجل والمرأة في ذلك، فلا تتهاوني وتَفَكَّري معي في واقع أمتنا المرير وكيف تخاذل عنه أكثر رجالاتها في الوقت الذي يسام فيه أهل الإسلام سوء العذاب". وتعتمد الشرقاوي في رسالتها منهج التحريض ضد العلماء معتبرة إياهم أدوات يستخدمها الصليب في تحصيل مآربه وقضاء حاجاته, محذرة من الانخداع وبخاصة شباب الإسلام وأنهم من الساعين لمصالحهم الشخصية وشهواتهم وملذاتهم وليسوا غيورين على أمتهم ودينهم.


الأحد 1431-12-22هـ الموافق 2010-11-28م

http://www.alyaum.com/issue/article....13680&I=800759