الرد على سؤال الملاحدة ما فائدة أن يباهي الرب ببعض خلقه أمام الملائكة و هم من خلقه ؟



إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيتسائل الملاحدة إذا كان الله هو الخالق فما فائدة أن يباهي ببعض خلقه أمام الملائكة ، وهم من خلقه ؟! فكيف يتباهى الخالق أمام خلقه وهو خالقهم ؟ !!!و سر هذا الكلام جهلهم بحكمة الله و سوء أدبهم مع الله و الجهل بحكمة الشيء لا تستلزم عدم حكمة الشيء .


و إذا سلمنا بأن الله هو الخالق فالخالق يفعل ما يشاء قال تعالى : ﴿ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَ الأَمْرُ ﴾[1] ، و قال تعالى : ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [2] فلا يحق لأحد أن يعترض ، و يقول لما يفعل الله كذا فهذا سوء أدب مع الله و إن كان سائلا فليقل ما الحكمة من فعل الله كذا فأفعال الله لا تخلوا من حكمة .

وقد ثبتت مباهاة الله بأهل عرفة أمام الملائكة فعن عَائِشَةُ أِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ »[3]
و ثبتت مباهاة الله بأهل الذكر أمام الملائكة فعن أبي سعيد الخدري قال: خرج معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما على حلقة في المسجد، فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله، قال: آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال: أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، وما كان أحد بمنزلتي من رسول الله أقل حديثا مني وإن رسول الله خرج على حلقة من أصحابه فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله، ونحمده على ما هدانا للإسلام، ومنّ به علينا، قال: آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال : « أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة »[4] .

و الحكمة من مباهاة الله بأهل الطاعة أمام الملائكة ما يلي :
- إظهار فضل بني آدم ، و بيان استحقاقهم للمدح حيث غلبت همتهم في العبادة دواعي الأهواء والنفوس و الشياطين وجنودهم إلى الكسل والبطالة والولوغ في الشهوات .
- شهادة الملائكة لبني آدم بالخير .
- أن يبين للملائكة أن هذا الإنسان الذي استخلفه الله في الأرض يذكر الله و يسبحه و يحمده فهم قد قالوا مستفهمين : ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ [5] .


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات


[1] - الأعراف من الآية 54
[2] - الأنبياء الآية 23
[3] - رواه مسلم في صحيحه
[4] - رواه مسلم في صحيحه
[5] - البقرة من الآية 30